فصل : وأما فقد روى الظهر الشافعي عن سفيان ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فاختلف أصحابنا في قوله : إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم قال : واشتكت النار إلى الله تعالى فقالت : ربي أكل بعضي بعضا . فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف ، فأشد ما تجدون الحر فمن حرها ، وأشد ما تجدون البرد فمن زمهريرها ، وجهين : إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة على
أحدهما : أنه وارد في بلاد " تهامة " و " الحجاز " و " مكة " و " المدينة " ، وأما غير ذلك من البلاد فلا : لاختصاص تهامة بشدة الحر
والثاني : أن ذلك وارد في كل البلاد إذا كان الحر بها شديدا ، وإذا كان هذا ثابتا فتأخيرها أفضل بشرطين :
أحدهما : أن يكون الحر شديدا
والثاني : أن تقام في جماعة يحضرها الأباعد ، فأما إن كان الحر يسيرا ، والبلد باردا ، أو كان يصليها منفردا ، أو في جماعة حاضرة لا يأتيها الأباعد كان تعجيلها أفضل ، فأما صلاة الجمعة فقد اختلف أصحابنا على وجهين : هل الأفضل تأخيرها في شدة الحر أم لا ؟
[ ص: 65 ] أحدهما : أن تأخيرها أفضل كالظهر
والثاني : أن تقديمها أفضل في الحر وغيره ، لأن الناس مندوبون إلى تقديم البكور إليها ، فكان تعجيلها أرفق بالمنتظرين لها ليعودوا بعد الفراغ منها إلى منازلهم ليقيلوا أو يستريحوا ، ثم إذا قلنا : بتأخير الظهر في شدة الحر لم يجز أن يؤخرها عن وقتها ، ولا يستحب أن يستوفى بها آخر وقتها ، بل يتأخى بها أن تقام وفي الوقت بقية بعد فراغه منها