مسألة : قال  الشافعي      : " فإن  كان الغيم وخفيت الدلائل   على رجل فهو كالأعمى      [ ص: 79 ] وقال في موضع آخر : ومن دله من المسلمين وكان أعمى وسعه اتباعه ولا يسع بصيرا خفيت عليه الدلائل اتباعه . ( قال  المزني      ) : لا فرق بين من جهل القبلة لعدم العلم وبين من جهلها لعدم البصر . وقد جعل  الشافعي   من خفيت عليه الدلائل كالأعمى فهما سواء "  
قال  الماوردي      : وصورتها في  بصيرين اجتهدا في القبلة فوقف أحدهما على جهتها باجتهاده وأشكل على الآخر   ، فإن كان الذي قد أشكل عليه ممن لا يعرفها إذا عرفه ولا ينتبه عليها إذا نبهه فهو أعلى ، ما ذكرنا كالأعمى يقلد صاحبه ولا يعيد ، وإن كان ممن يعرفها وينتبه عليها ، ولكن وقع الإشكال لحادثة صد عنها فإن كان الوقت واسعا توقف ولم يقلد غيره وإن ضاق الوقت وخاف الفوت تبع صاحبه في جهته وصلى إليها باجتهاده ، فإذا فعل وصلى فقد قال  الشافعي   في وجوب الإعادة وسقوطها كلاما محتملا . فقال : ها هنا " ومن خفيت عليه الدلائل فهو كالأعمى " . فظاهر هذا يقتضي سقوط الإعادة وقال في موضع آخر حكاه عنه  المزني   ها هنا : " ولا يسع بصيرا خفيت عليه الدلائل اتباعه . " فظاهر هذا يقتضي سقوط وجوب الإعادة  
واختلف أصحابنا على ثلاثة طرق :  
أحدها : وهي طريقة  المزني ،   وأبي الطيب بن سلمة ،   وأبي حفص بن الوكيل      : أن وجوب الإعادة على قولين على اختلاف الظاهر في الموضعين أحدهما عليه الإعادة ، لأن الإشكال عليه لتقصير يعود إليه  
والقول الثاني : لا إعادة عليه ، لأن الجاهل بها لفقد علمه كالجاهل بها لفقد بصره  
والطريقة الثانية : هي طريقة  أبي العباس بن سريج   أنه لا إعادة عليه قولا واحدا ، وحمل قول  الشافعي      : " ولا يسع بصيرا خفيت عليه الدلائل اتباعه عليه " إذا كان الوقت واسعا  
والطريقة الثالثة : وهي طريقة  أبي إسحاق المروزي   أن الإعادة عليه واجبة قولا واحدا وحمل قول  الشافعي      : " ومن خفيت عليه الدلائل فهو كالأعمى " على وجوب الاتباع لا على سقوط الإعادة - والله تعالى أعلم -  
				
						
						
