مسألة : قال الشافعي ، رحمه الله تعالى : " وإن صلى رجل في طرف المسجد والإمام في طرفه ، ولم تتصل الصفوف بينه وبينه ، أو فوق ظهر المسجد بصلاة أجزأه ، كذلك صلى أبو هريرة فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام في المسجد " .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا فالاعتبار في صحة صلاته أن يكون عالما بصلاة إمامه ، وطريق العلم بها من أحد أربعة أوجه . صلى المأموم في طرف المسجد بصلاة الإمام في طرفه الآخر
إما بمشاهدة ، وبسماع تكبيره ، أو بمشاهدة من خلفه ، أو بسماع تكبيرهم ، فإن كان بصلاته عالما صحت صلاته سواء كان المسجد صغيرا ، أو كبيرا ، قرب ما بينهما أو بعد ، حال ما بينهما حائل ، أو لم يحل ، اتصلت الصفوف إليه أو لم تتصل ، وإنما صحت صلاته لأن المسجد الواحد إنما يبنى لجماعة واحدة : وإنما يختلف صغيرا ، أو كبيرا لقلة جماعتهم ، وكثرتها ، فصغرت مساجد المحال لقلة جماعتها ، وكل من أحاط به المسجد فهو في جماعة [ ص: 344 ] واحدة ، وإذا كان المأموم مع إمامه في جماعة واحدة صحت صلاته ، كما لو كان وراءه ، ولو كان غير عالم بصلاة إمامه فصلاته باطلة ، لأن عليه اتباعه في أفعاله ، وعدم العلم بها يمنع من اتباعه فيها ، فلو فصلاته جائزة : لما روي أن صلى المأموم في رحاب المسجد ، أو مصطفا به ، أو على سطحه ، وكان عالما بصلاة إمامه أبا هريرة صلى على سطح المسجد بصلاة الإمام في المسجد ، ولأن سطح المسجد ورحابه كالمسجد ، بدليل أن الجنب ممنوع من اللبث في شيء منه .