أحدها : أن يسترسل الجارح عن أمر مرسله ، فإن استرسل بنفسه لم يحل أكله : لقول الله تعالى : فكلوا مما أمسكن عليكم فلم يحل ما أمسكه على نفسه .
والثاني : أن يكون المرسل مما تحل ذكاته ، فإن كان ممن لا تحل ذكاته حرم : لأن إرساله كالذكاة .
والثالث : أن لا يغيب عن عين مرسله ، فإن غاب عن عين مرسله لم يحل : لأنه قد يحدث بعد مغيبه ما يمنع من إباحته .
والرابع : أن لا يشركه في قتله من لا يحل صيده ، وإن شركه فيه لم يحل .
والخامس : أن يكون الجارح المرسل معلما : لقوله تعالى : تعلمونهن مما علمكم الله فإن كان غير معلم لم يحل .
[ ص: 7 ] : وتعليمه يكون بأربعة شروط
أحدها : أن يستشلي إذا أشلي ، وهو . أن يرسل ، فيسترسل
والثاني : أن ، وهو أن يعود إذا طلب ، يجيب إذا دعي . ويزجر إذا زجره
والثالث : أن . يحبس ما أمسكه ، لا يأكله
والرابع : أن ، ولا يصير بالمرة والمرتين معلما . يتكرر ذلك منه مرارا حتى تصير له عادة
قال الحسن البصري : يصير بالمرة الواحدة معلما .
وقال أبو حنيفة : يصير بالمرتين معلما : لأن الثانية من الإرسال فتصير عادة .
وهذا فاسد : لأن في تكامل التعليم غير مقنع في العرف : ولأنه لا يمتنع أن يكون بسبب امتناعه في الأولى موجودا في الثانية ، وإذا تكرر مع اختلاف أحواله زال : ولأن مقصود التعليم هو أن ينتقل عن طبعه إلى اختيار مرسله ، وهو لا ينتقل عنه إلا بالمرور عليه : فإن قيل : فقد عبر الشافعي عن إرساله بإشلائه ، وهذا خطأ في اللغة : لأنه يقال : أشليت كلبي إذا دعوته ، وأشليته إذا أرسلته ، واستعمل الإشلاء في ضد معناه فعنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه من أسماء الأضداد يجوز استعماله في الأمرين .
والثاني : أنه يستعمل في الدعاء وحده ، لكنه دعاه إلى الصيد ، فجاز أن يكون مشليا له ، كما لو دعاه إلى نفسه كما قال الشاعر :
أشليت غيري ومسحت عقبي
والثالث : أن الإشلاء هو الإغراء ، فبأي شيء أغراه كان مشليا له ، كما قال الشاعر :صددت ولم يصددن خوفا لريبة ولكن لإتلاف المحرش والمشلى