مسألة : قال الشافعي : " وزعم بعض المفسرين أن قول الله جل ثناؤه : ذلك ومن يعظم شعائر الله استسمان الهدي واستحسانه .
قال الماوردي : اختلف المفسرون في قول الله تعالى : ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [ الحج : 32 ] على ثلاثة أقاويل .
أحدها : أن شعائر الله دين الله كله ، وتعظيمها التزامها ، وهذا قول الحسن .
والثاني : أنها مناسك الحج ، وتعظيمها استيفاؤها ، وهو قول جماعة .
والثالث : أنها البدن المشعرة ، وتعظيمها استسمانها ، واستحسانها ، وهذا قول مجاهد واختيار الشافعي وفي قوله : فإنها من تقوى القلوب ثلاث تأويلات .
أحدها : أنه إخلاص القلوب .
والثاني : أنه قصد الثواب .
والثالث : أنه ما أرضى الله تعالى .
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أفضل الرقاب .
فقال : . أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها
وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال : " لا تبتع إلا مسنة ، ولا تبتع إلا سمينة ، فإن أكلت أكلت طيبا ، وإن أطعمت أطعمت طيبا " ، فدل ما ذكرنا على أن : فإن كانت غنما ، فأغلاها ثمنا وأكثرها سمنا وحسنا إلا أن تكون ذات لبن يزيد ثمنها لكثرة لبنها ، فيكون ما نقص ثمنه إذا كان أزيد سمنا ولحما أفضل ، وأما الإبل والبقر ، فقد يزيد ثمنها بالعمل تارة وبالسمن أخرى ، فتكون سمانها أفضل من عواملها ، وإن نقصت عن أثمانها : لأن المقصود منها لحومها فإن كان بعضها أكثر لحما وأقل شحما . أفضل [ ص: 80 ] الضحايا والهدايا أسمنها وأحسنها
وبعضها أكثر شحما وأقل لحما ، فذات اللحم أفضل ، إن لم يكن لحمها خشنا : لأن اللحم مقصود ، والشحم تبع ، وإن كان لحمها خشنا فذات الشحم أفضل : لأن قليل لحمها أنفع من كثير الأخرى .