المسألة الرابعة : فيما إذا . وفيها صور . انضم إلى النجوم ديون على المكاتب لسيده أو لغيره ، أو له ولغيره
الأولى : كان للسيد مع النجوم دين معاوضة ، أو أرش جناية ، فإن تراضيا بتقديم الدين ، فذاك ، وإن تراضيا بتقديم النجوم عتق .
ثم المذهب أن الدين الآخر لا يسقط ، فللسيد مطالبته به . ولو كان ما في يده وافيا بالنجوم دون الدين ، فإذا أداه عن النجوم بإذن السيد ، فالحكم ما ذكرناه ، وللسيد [ ص: 260 ] منعه من تقديم النجوم ، فيأخذ ما معه عن الدين ، ثم يعجزه . وهل له تعجيزه قبل أخذه ؟ وجهان ، أصحهما : نعم .
ولو ، ثم قال المكاتب : قصدت النجوم ، وأنكر السيد ، أو قال : أصدقه ، ولكن قصدت أنا الدين لا النجوم ، فقال دفع المكاتب ما في يده إلى السيد ، ولم يتعرضا للجهة القفال : يصدق المكاتب .
وقال الصيدلاني : يصدق السيد ؛ لأن الاختيار هنا إليه ، بخلاف سائر الديون .
قلت : قول القفال أصح ، والله أعلم .
الثانية والثالثة : إذا اجتمع عليه نجوم وديون للسيد أو لغيره ، أو له ولغيره ، فهو كالحر في الحجر عليه بالفلس ، وقسم ماله بين أصحاب الديون .
وهل تحل بالحجر الديون المؤجلة ؟ طريقان . أصحهما : قولان ، كالمفلس .
والثاني : تحل قطعا ؛ لأن للرق أثرا في إبطال الأجل ، ولهذا نص - رحمه الله - أن الحربي إذا استرق وعليه دين مؤجل حل ، فإن قلنا : يحل ، قسم المال على الجميع ، وإلا فعلى الحال ، ولا يحجر عليه بالتماس السيد للنجوم ؛ لأنها غير مستقرة ، والمكاتب متمكن من إسقاطها . الشافعي
إذا ثبت هذا فإن كان ما في يد المكاتب وافيا بالديون ، قضيت وإلا فإن لم يحجر عليه ، فله تقديم ما شاء من الديون ، وله تعجيل الديون قبل المحل ، ولا يجوز تعجيل الديون المؤجلة بغير إذن سيده .
وفي جوازه بإذنه الخلاف في تبرعاته بإذنه . وفي معناه ما إذا عجل الديون للسيد ، ومنهم من طرد الخلاف في تعجيل النجوم ذكره الروياني .
وإذا قدم النجوم عتق ، وبقي دين الأجانب عليه ، ولا [ ص: 261 ] يجيء فيه الخلاف في إعتاق الجاني ؛ لأن العتق يحصل بالصفة السابقة على الجناية ، فهو كما لو علق عتق عبده بصفة ، ثم جنى فإن الجناية لا تمنع وقوع العتق بالتعليق السابق بلا خلاف ، والأولى أن يقدم دين المعاملة ، فإن فضل شيء جعله في الأرش ، فإن فضل شيء صرفه في النجوم .
وسيظهر وجه هذا الترتيب إن شاء الله تعالى . وإن حجر عليه تولى قسمة ما في يده .
وفي كيفية القسمة وجهان ، ويقال : قولان ، أحدهما : يقسم على قدر الديون ، وأصحهما يقدم دين المعاملة ؛ لأنه يتعلق بما في يده خاصة وللأرش متعلق آخر ، وهو الرقبة ، وكذا حق السيد بتقدير العجز يعود إلى الرقبة ، ويسوى بين النقد والعرض ، ثم يقدم أرش الجناية على النجوم ؛ لأن الأرش مستقر ، والنجوم [ معرضة ] للسقوط .
وقال القاضي أبو الطيب : لا خلاف أن هذا الثاني مذهب - رحمه الله - ، وإنما الأول إذا رضوا بالتسوية ، فإن عجز المكاتب نفسه سقطت النجوم . الشافعي
وفي دين المعاملة للسيد وجهان .
أصحهما : يسقط أيضا ويصرف ما في يده إلى ديون الأجانب من معاملة وأرش ، فإن لم يف بالنوعين ، فهل تقدم المعاملة أم الأرش أم يسوى بينهما ؟ أوجه ، أصحها عند الشيخ أبي محمد ، ونحوهما : الثالث . والغزالي
ثم ما تبقى من دين المعاملة يتبع به بعد العتق ، وما تبقى من الأرش يتعلق بالرقبة يباع فيه .
ولو ، انفسخت الكتابة ، وسقطت النجوم . مات المكاتب قبل قسمة ما في يده
قال ابن سريج ، وابن الصباغ : تسقط الأروش أيضا ؛ لأنها تتعلق بالرقبة ، وقد فاتت ، وبما في يده بحكم الكتابة وقد بطلت ، فعلى هذا يتعين صرف ما خلفه إلى المعاملة .
وقال الصيدلاني والإمام والبغوي : [ ص: 262 ] تبقى الأروش وتعلقها بالمال ، فعلى هذا إن سوينا في صورة التعجيز فهنا أولى ، وإن قدمنا [ الأرش فكذا هنا ، وإن قدمنا ] المعاملة ، فهل تقدم هنا أيضا ، أم يسوى ؟ وجهان .
أصحهما : التسوية ؛ لأنهما متعلقان بما خلفه .
فرع
إذا لم يكن في يد المكاتب مال ، أو قسم الموجود ، إما على الديون جميعا بالسوية ، وإما على التقديم والترتيب ، وبقيت النجوم أو بعضها ، فللسيد تعجيزه ورده رقيقا .
وإن بقيت الأروش أو بعضها فمستحق الأرش الباقي ؛ لعجزه لتباع رقبته في حقه ، ولا يعجزه بنفسه ؛ لأنه لم يعقده لكن يرفع الأمر إلى الحاكم ليعجزه صرح الأصحاب بهذا .
وقال الإمام : ظاهر كلامهم أنه يعجزه بنفسه ، والوجه : الرفع إلى القاضي . فلو أراد السيد أن يفديه ويبقي الكتابة ، فهل يمتنع على مستحق الأرش التعجيز ويلزمه قبول الفداء ؟ وجهان : أرجحهما عند الإمام : لا وأصحهما : نعم ، وبهذا قطع الجمهور . والغزالي
وأما صاحب دين المعاملة ، فليس له التعجيز ؛ لأن حقه لا يتعلق بالرقبة . ولو أمهله السيد ومستحق الأرش ، ثم بدا لبعضهم وأراد التعجيز ، فله ذلك .
وإذا تحقق التعجيز ، سقطت النجوم ، ويباع في الأرش إلا أن يفديه السيد ، ودين المعاملة لا يتعلق بالرقبة على الصحيح .
فرع
ذكرنا أن الأصح تقديم دين الأجنبي على النجوم ، وهل يضارب السيد معهم بماله من دين المعاملة ؟ وجهان ، أصحهما : نعم ، وأما ما للسيد [ ص: 263 ] عليه من أرش جناية ، فقال : يستوي السيد والأجنبي فيه في دوام الكتابة ، وأما بعد التعجيز ، فيباع في أرش الجناية للأجنبي ، ويسقط ما للسيد ؛ لأنه صار ملكه ، ولا يثبت للسيد على عبده أرش ، ويجوز أن يجعل فيه خلاف . ابن كج