[ ص: 267 ] السابعة : في الاختلاف ، وفيه صور ، إحداها : صدق السيد بيمينه ، وكذا لو ادعى على وارثه بعده ، أن مورثك كاتبني ، صدق الوارث ، ويحلف على نفي العلم . ادعى عبد على سيده أنك كاتبتني ، فأنكر
ولو ، فإن عرف للسيد جنون أو حجر صدق ، وإلا فيصدق العبد . قال السيد : كاتبتك وأنا مجنون ، أو محجور علي ، قال العبد : بل كنت كاملا
ولو قال السيد : كاتبتك ، فأنكر العبد ، ففي كتاب أنه [ إن ] لم يعترف بأداء المال عاد رقيقا ، ويكون إنكاره تعجيزا منه . ابن كج
وإن قال السيد : وأديت المال وعتقت ، فهو حر بإقراره ، فإن قال العبد : الذي أديت إليك ليس لي ، بل وديعة لزيد ، وادعاه زيد صدق ، أما إذا اختلفا في أداء المال ، فالمصدق السيد ، فإن أراد المكاتب إقامة بينة بالأداء ، أمهل ثلاثة أيام .
وهل هذا الإمهال واجب ، أم مستحب ؟ وجهان .
ولا تثبت الكتابة بشاهد وامرأتين ، ولا بشاهد ويمين . ويشترط في الشهادة التعرض للتنجيم ، وقدر كل نجم ووقته ، ويثبت الأداء بشاهد وامرأتين ، وبشاهد ويمين .
وقيل : لا يثبت النجم الأخير إلا بعدلين ؛ لتضمنه العتق ، والصحيح الأول .
وحكى الروياني في " الكافي " أنه لو أمهل ثلاثة أيام ليأتي ببينة الأداء ، فأحضر شاهدا بعد الثلاثة ، واستنظر ليأتي بالثاني أنظر ثلاثة أخرى .
الثانية : اختلفا في قدر النجوم ، أو عددها ، أو جنسها ، أو صفتها ، أو قدر الأجل ، ولا بينة تحالفا ، وكيفيته كما سبق في البيع ، فإذا تحالفا نظر إن لم يحصل العتق باتفاقهما ، بأن لم يقبض جميع [ ص: 268 ] [ ما يدعيه ] ، أو قبض غير الجنس الذي يدعيه ، فهل تنفسخ الكتابة ، أم يفسخها الحاكم إن لم يتراضيا على شيء ؟ فيه ما سبق في البيع .
وإن حصل العتق باتفاقهما ، بأن قبض ما يدعيه بتمامه ، وزعم المكاتب أن الزيادة على القدر الذي اعترف به أودعها عنده استمر نفوذه ، ويتراجعان ، فيرجع السيد بقيمة المكاتب ، ويرجع هو بما أدى ، وقد يقع في التقاص .
ولو ، قال قال السيد : كاتبتك على نجم ، فقال : بل على نجمين البغوي : صدق السيد بيمينه ؛ لأنه يدعي فساد العقد .
قلت : ينبغي أن يكون على الخلاف فيما لو اختلف المتبايعان في مفسد للبيع . والله أعلم .
فلو أقام العبد بينة ، بأنه كاتبه في رمضان سنة كذا على ألف ، وأقام السيد بينة أنه كاتبه في شوال تلك السنة على ألفين ، فإن اتفقا أن الكتابة متحدة ، فكل بينة تكذب الأخرى ، فيتساقطان ويتحالفان .
وإن لم يتفقا على الاتحاد ، فالبينة المتأخرة أولى ؛ لأنه ربما كاتب في رمضان ثم ارتفعت تلك الكتابة ، وأحدث أخرى .
الثالثة : ولد المكاتب من زوجته المعتقة حر ، وولاؤه لمواليها ، فإن عتق المكاتب ، انجر الولاء إلى مواليه ، كما سبق في الولاء .
فلو مات المكاتب ، فاختلف مولاه ومولى أم أولاده ، فقال مولاه : عتق بأداء النجوم ، ثم مات وجر ولاء أولاده إلي ، وأنكر مواليها ، فهم المصدقون باليمين ، وعليه البينة .
وهل يكفيه شاهد ويمين ، أو شاهد [ ص: 269 ] وامرأتان ، أم يحتاج إلى شاهدين ؟ فيه الخلاف في النجم الأخير ويدفع مال المكاتب إلى ورثته الأحرار ؛ لإقرار السيد أنه مات حرا .
ولو عتق ، وجر إليه ولاء ولده . أقر السيد في حياة المكاتب بأنه أدى النجوم
الرابعة : كاتب عبدين في صفقتين ، أو صفقة ، وجوزناها ، ثم أقر أنه استوفى نجوم أحدهما ، أو أنه أبرأ أحدهما أمر بالبيان ، فإن قال : نسيته أمر بالتذكر ، ولا يقرع بينهما ما دام حيا ، وقيل : يقرع ، والصحيح الأول ، فإن بين أحدهما فصدقه الآخر فذاك ، وإن كذبه وقال : بل استوفيت مني أو أبرأتني فله تحليف السيد ، فإن حلف بقيت كتابته إلى أداء النجوم ، وإن نكل حلف المكذب ، وعتق أيضا .
وإن لم يتذكر حلف لهما إذا ادعاه . وإذا حلف ، فوجهان أحدهما : يبقيان على الكتابة ، ولا يعتق واحد منهما إلا بأداء النجوم .
والثاني : تتحول دعوى المكاتبين ، فإن حلفا على الأداء ، أو نكلا بقيا على الكتابة ، وإن حلف أحدهما ، ونكل الآخر حكم بعتق الحالف ، وبقي الآخر مكاتبا .
ولو بين أحدهما ، فقال الآخر : تؤتيني بالإقرار الذي اتهمته ولم يقل : استوفيت مني أو أبرأتني ، قال الإمام : فالأصح أن دعواه مردودة ؛ لأنه لا يدعي حقا ثابتا ، وإنما يدعي إخبارا قد يصدق فيه وقد يكذب ، وقد سبق نظير هذا في الدعاوى .
ولو مات السيد قبل البيان ، فهل يقوم الوارث مقامه في البيان ؟ قولان .
أحدهما : لا بل يقرع فمن خرجت قرعته ، فهو حر ، وعلى الآخر أداء النجوم ، وله تحليف الوارث على نفي العلم .
وأظهرهما : يقوم مقامه ولا قرعة ، فإذا بين فالحكم كما سبق في بيان المورث إلا أن الوارث يحلف على نفي العلم ، فإن قال الوارث : لا أعلم المؤدي ، فلكل واحد تحليفه أنه لا يعلمه أدى ، فإذا حلف لهما ، [ ص: 270 ] فوجهان : أحدهما : يستوفي من كل واحد منهما ما عليه ، كما لو أقر بأن أحد غريميه أوفاه دينه ، ومات قبل البيان ، وحلف الوارث لكل واحد منهما ، فإنه يستوفي الدينين جميعا .
وحكى ابن الصباغ توقف العتق على أداء كل واحد منهما جميع ما عليه ، ثم قال : وعندي أنه إن استوفى المالان ، فقالا : نؤدي ما على أحدنا ، أو اختلفا ، فقالا : نؤدي الأكثر ليعتق ، كان لهما ذلك ؛ لأنهما بأدائه قد أديا جميع ما عليهما .
والوجه الثاني وهو الأصح ، وبه قال القاضي أبو الطيب : يقرع بينهما ، هكذا رتب الجمهور المسألة .
وقال الإمام : لكل واحد من المكاتبين أن يدعي على الوارث توفية النجوم إلى المورث أو إبراءه له ، وأن يحلفه على نفي العلم ، فإذا حلف هل يقرع ؟ قولان . والغزالي
أظهرهما : نعم ، فمن خرجت له القرعة ، فهو حر ، وعلى الآخر أداء النجوم .
وإن قلنا : لا يقرع ، قال الإمام : الذي يقتضيه القياس التوقف إلى الاصطلاح ، أو البيان ، أو بينة ، وينقدح أن يقال : للوارث تعجيزهما ، فإنهما ممتنعان من الأداء وأحدهما مكاتب ، وحينئذ فأحدهما حر ، والآخر رقيق ، فيقرع ، والمذهب ما قدمناه عن الجمهور .
ولو أقر باستيفاء بعض نجوم أحدهما ، ولم يبين ، فلا قرعة ؛ لأن العتق لا يحصل به ، بل يوقف الأمر . ولو ادعى أحد المكاتبين على الوارث الأداء أو الإبراء ، فأنكر حصل بإنكاره الإقرار للآخر ، قاله الصيدلاني .
قلت : هذا الذي قاله الصيدلاني فيما إذا قال في إنكاره : لست المؤدي . أما إذا قال : لا أعلم ونحوه ، فليس مقرا للآخر بلا شك والله أعلم .
[ ص: 271 ] فروع
من " التهذيب " لو قال السيد : استوفيت ، أو قال المكاتب : أليس قد أوفيتك ، فقال : بلى ، ثم قال المكاتب : وفيتك الجميع .
وقال السيد : البعض فالمصدق السيد ؛ لأن اللفظ يحتملهما جميعا . ولو ، فقال السيد : وضعت من النجم الأول ، وقال المكاتب : من الأخير ، أو قال : وضعت بعض النجوم ، فقال المكاتب : بل كلها ، صدق السيد بيمينه . وضع عن المكاتب شيئا من النجوم واختلفا
ولو كاتبه على ألف درهم ، فوضع عنه عشرة دنانير لم يصح ، فإن قال : أردت قيمة عشرة دنانير من الدراهم صح .
فلو قال المكاتب : أردت المعنى الثاني ، فأنكر السيد ، صدق السيد .
ولو وضع عنه من الدراهم ما يقابل عشرة دنانير فهو مجهول عندهما ، ففي صحته وجهان بناء على الخلاف فيما لو أوصى بزيادة على الثلث ، وأجاز الوارث وهو جاهل بالزيادة ففي وجه لا يصح ، ويحمل على أقل ما يتيقن .