فصل
، فالقول قول الدافع ، سواء اختلفا في نيته أو لفظه . قال الأئمة : فالاعتبار في أداء الدين ، بقصد المؤدي . حتى لو ظن المستحق أنه يودعه عنده ، ونوى من عليه الدين أداء الدين برئت ذمته ، وصار المدفوع ملكا للقابض . عليه دينان ، أحدهما حال ، وبه رهن ، أو كفيل ، أو هو ثمن مبيع محبوس به ، فسلم إليه ألفا ، وقال : أعطيتك عنه ، وقال القابض : بل عن الدين الآخر
فرع
، وقع عنه . وإن أدى عنهما ، قسط [ ص: 124 ] عليهما . وإن لم يقصد في الحال شيئا ، فوجهان . أصحهما : يراجع ، فيصرفه إليهما أو إلى ما شاء منهما . والثاني : يقع عنهما . وعلى هذا تردد كان عليه دينان ، فأدى عن أحدهما بعينه الصيدلاني في حكايته ، أنه يوزع عليهما بالتسوية ، أم بالتقسيط ؟ وعلى هذا القياس نظائر المسألة ، كما إذا تبايع مشركان درهما بدرهمين ، وسلم الزيادة من التزمها ، ثم أسلما ، فإن قصد تسليمه عن الزيادة ، لزمه الأصل ، وإن قصد تسليمه عن الأصل فلا شيء عليه . وإن قصد تسليمه عنهما ، وزع عليهما ، وسقط ما بقي من الزيادة . وإن لم يقصد شيئا ، ففيه الوجهان . ولو كان لزيد عليه مائة ، ولعمرو مثلها ، فوكلا وكيلا بالاستيفاء ، فدفع المديون إلى الوكيل لزيد أو لعمرو ، فذاك ، وإن أطلق ، فعلى الوجهين . ولو قال : خذه وادفعه إلى فلان ، أو إليهما ، فهذا توكيل منه بالأداء ، وله التغيير ما لم يصل إلى المستحق .
قلت : هذا الذي ذكره ، اقتصار على الأصح . فقد قال إمام الحرمين : إذا قال من عليه الدين لهذا الوكيل : خذ الألف وادفعه إلى فلان ، فوجهان . أفقههما أنه بالقبض ينعزل عن وكالة المستحق ، وصار وكيلا للمديون . والثاني : يبقى وكيلا للأول . فعلى هذا ، لو تلف في يد الوكيل بغير تقصير ، فمن ضمان صاحب الدين وقد برئ الدافع . وعلى الأول : هو من ضمان الدافع ، والدين باق عليه . وإن قصر الوكيل ، فعليه الضمان . وأيهما يطالبه ؟ فيه الوجهان . قال الإمام : ولا يشترط في جريان الوجهين قبول الوكيل صريحا بالقول ، بل مجرد قوله : ادفع إلى فلان ، فيه الوجهان . والله أعلم .
ولو ، فإن قصدهما أو أحدهما ، فهو لما قصد . وإن أطلق ، فعلى الوجهين . وإن اختلفا فقال المبرئ : أبرأت عن الدين الخالي عن الرهن والكفيل ، فقال المديون : بل عن الآخر ، فالقول قول المبرئ مع يمينه . أبرأ مستحق الدينين المديون عن مائة ، وكل واحد منهما مائة
[ ص: 125 ]