الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفتقد القدرة على الكلام والتصرف عند المواقف الاجتماعية.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من أعراض مزعجة تجعلني أحيانًا أكره الكلام:

1. رعشة الوجه أثناء الحديث: يصيبني رعشة في الخد والشفتين -خاصةً الشفة السفلى- أثناء التحدث، وتزداد هذه الرعشة عند التحدث مع أشخاص أشعر تجاههم بالحياء.

2. تغيُّر ملامح الوجه بعد الضحك: يظهر على وجهي عبوس بعد الضحك، مصحوب برجفة في الشفة.

3. قلق وتوتر قبل المناسبات الاجتماعية: قبل أي مناسبة -زيارة، أو اجتماع- أشعر بقلق مستمر وتفكير مفرط في الحدث والأشخاص الحاضرين أو الزائر، وأول ما يخطر ببالي هو الخوف الذي سأشعر به، والذي سينعكس حتمًا على ملامح وجهي، وحتى أثناء الضحك معهم تظل علامات الخوف والبؤس بادية عليّ في صورة رجفة تصيب وجنتي، فيبدو مظهري وكأنني على وشك البكاء، وأعجز تمامًا عن التحكُّم في تعابير وجهي.

4. صعوبة الابتسامة لفترة طويلة: لا أستطيع حتى أن أبتسم لمدة طويلة بسبب هذه الرجفة التي سرعان ما تنتابني.

5. حساسية تجاه الاهتمام أو المواقف السلبية: تزداد عصبيتي وتوتري إذا ذُكر اسمي في المجلس، أو إذا أراد أحدهم التحدث عني، أو الإشارة إليّ، أو التعليق عليّ، أو تقديمي لشخص آخر، أو حتى عند المزاح معي، أو إذا وجَّه إليّ أحدهم نظرة ساخرة، أو صرخ في وجهي، أو أراد الشجار معي.

6. توتر في التجمعات العائلية وتأثير الابتسام: أشعر بالتوتر عند الجلوس مع إخوتي وأخوالي، وكذلك مع الأطفال، بينما أشعر براحة أكبر عند الجلوس مع النساء.

أصبحت أعصابي تنقبض مع ابتسامة وجهي، حتى إنني أحس بضيق في صدري عند الابتسام، مصحوب بشد في خدودي ودمع في عينيّ، يتبعه ألم في رأسي وصداع وتوتر في الأعصاب.

أفقد القدرة على الكلام والفهم بشكل شبه كامل، وأشعر وكأن أعصابي تعصر عقلي، ويتبع ذلك شعور بالذل والنقص والضعف بين الناس، وانكسار في الخاطر في كثير من الأحيان، مما يزيد الأمر سوءًا.

أرجوكم، أريد حلاً سريعًا مهما كان؛ لأنني لم أعد أحتمل.

أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن خلال النقاط الست التي أوضحتها فإن حالتك من الحالات البسيطة، بالرغم ممَّا تسبب لك من انزعاج، وهذه الحالة تعرف باسم القلق الاجتماعي (Social Anxiety) والبعض قد يسميها بالرهاب الاجتماعي (Social Phobia)، ولكني لا أعتقد أنها وصلت لدرجة الرهاب الشديد، هو قلق يحدث لك في ظروف اجتماعية، ويعطيك مشاعر سلبية جدّاً، وشيئاً من سوء التأويل، وتكون نظرتك نحو المستقبل متشائمة وتهتز ثقتك في نفسك.

إذًا الحالة بسيطة، وهذا هو التشخيص، وبعد ذلك تنحصر آليات العلاج في الآتي:

1) عليك أن تعلمي أن حالتك حالة بسيطة، وهي قلق، وليس أكثر من ذلك.
2) ليس هنالك أي دليل على أن شخصيتك أضعف من الآخرين أو أقل منهم.
3) خاطبي نفسك قولي: (لماذا أقلق؟ لماذا لا أكون مثل الآخرين؟ لماذا لا أتفاعل؟ ما الذي يجعلني أحس بهذا الإحساس السالب؟)

4) أريدك أن تتذكري أن المشاعر الخاصة بظهور ملامح الخوف والبؤس وما شابه ذلك، وحتى الرجفة في الشفة أعتقد أنها أعراض مبالغ فيها، أنت لديك حساسية، وهذه الحساسية النفسية تجعلك تضخمين وتجسمين هذه الأعراض الفسيولوجية (Physiological Symptoms)، نعم ربما يكون شيء منها موجودًا قليلًا، ولكن ليس بالصورة التي تتصورينها، أرجو أن تتفهمي ذلك؛ لأن هذا أمر مهم جدّاً في ما يخص العلاج.

5) هنالك مبدأ علاجي رئيسي جدّاً نسميه بالتعريض أو المواجهة. الإنسان دائمًا يواجه مصادر خوفه؛ لأن التجنب يزيد من القلق ويزيد من الخوف، ولكن المواجهة تؤدي في بدايتها إلى زيادة في الخوف والقلق أيضًا، ولكن بالاستمرار فيها والإصرار عليها وبناء الثقة في النفس بعد ذلك -إن شاء الله- يأتيك الشعور بالاسترخاء والرضا.

6) أنصحك أيضاً بأن تمارسي أي نوع من الرياضة يناسب الفتاة المسلمة، الرياضة تمتص الطاقات السالبة، خاصة التوتر الداخلي وتجعل الإنسان يحس بالراحة والاسترخاء، وهنالك أيضًا تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء (2136015)، يمكنك أن تطبقيها، ويمكنك أن تتحصلي على كُتيب من أحد المكتبات، ومن خلال ذلك تستطيعين أن تعرفي كيفية تطبيق هذه التمارين بصورة صحيحة.

وتوجد أيضًا عدة مواقع على الإنترنت (يوتيوب) توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، وإذا كان لديك معرفة مع أي أخصائية نفسية -وليس طبيبًا نفسيًا- يمكن أن تطلبي منها أيضاً أن تدربك على هذه التمارين، فهي ذات فائدة كبيرة جدّاً.

7) أود أن أصف لك علاجاً دوائياً بسيطًا، وإن شاء الله الدواء الذي سوف أصفه لك دواء سليماً ويناسب عمرك تماماً، الدواء يعرف تجارياً باسم (زولفت، zoloft) ويعرف تجارياً أيضاً باسم (لوسترال، lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين، sertraline)، أرجو أن تبدئي بتناول نصف حبة من فئة الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراماً، تناولي نصف حبة لمدة عشرة أيام، يفضل تناولها مساءً مع الأكل، وبعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الممتازة والتي تعالج الخوف والقلق الاجتماعي، وهو -إن شاء الله- يؤدي إلى استرخاء وراحة في البال، ويساعدك إن شاء الله على تطبيق العلاجات السلوكية السابقة، كما أن الدواء لا يسبب أي إدمان ولا يؤثر على الهرمونات النسوية.

وأنت في هذا العمر لابد أن تكون لك آمال، ولابد أن تكون لك أهداف، ولابد أن تكوني متفائلة حيال المستقبل، فأنت على أعتاب بدايات الشباب، وهذا هو سن الطاقة والفعالية.

وأنصحك أيضًا بتكوين علاقات اجتماعية طيبة خاصة مع الصالحات من الفتيات، وأوصيك بالصلاة في وقتها، وتلاوة كتاب الله والدعاء والذكر، هذه -إن شاء الله- هي المنجيات والمطمئنات، وعليك أن تجتهدي في دراستك.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على هذا التواصل معنا في إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً