السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا فتاة عمري 26 سنة، وتمّ عقد قراني مؤخرا.
مشكلتي أنني ومنذ نعومة أظفاري وأبي يتحكّم في حياتي إلى درجة الإفراط، فهو يعاملني كشخص غير مسؤول، وغير قادر على اتخاذ قرارات بمفرده إلى يومنا هذا، حتى أني كنت أجد صعوبة في اتخاذ قرارات فردية، وجلّ همّه أن أكون ناجحة في دراستي، ثم أن أكون ذات مستوى مرموق في المجتمع عن طريق الدراسة ثم العمل.
اتبعت الطريق الذي رسمه لي في طفولتي، ولكن كلما كبرت كلما شعرت بالاختناق من ذلك، خاصة وأن لي طموحاتي الخاصة، وهي طموحات دينية أساسا، فأبي لم يعلمني ديني، ولم يعلمني الصلاة أو القرآن، كنت أجهل أبسط واجباتي الدينية تجاه ربي كالصلاة، والحجاب، ووجوب حفظ النفس، والاستعفاف، فأبي همّه الأعظم أن أنجح في دراستي وعملي ولو في محيط مختلط يؤذيني، ولو تعرّضت لكثير من الفتن، فكل ذلك لا يلتفت إليه، وأبقى أنا من يعاني بسبب توقي إلى أبسط حقوقي في أن أكون أمة تصلح لعبادة الله، ثم زوجة وأما صالحة، فالتأهيل في ذلك كان جدا ضعيفا، حتى صرت أتمرّد كلما كبرت، وكلما هداني الله إلى حق من حقوقي الدينية، مثلما فعلت حين تحجبت، وثارت حينها ثائرة أبي لأنه كان يجهل أن الحجاب فرض، ثمّ حاولت مرارا الانقطاع عن الدراسة، وكان المنع منعا باتّا من طرفه، لم أقدر على الاعتراض عليه في هذا لأني لم أهتد إلى فتوى تجيز لي مخالفة أبي، فكنت أخشى عقاب الله إن خالفته، ولكني كنت أعاني وأتعرض للفتن، وكانت أحلامي أن أتفرغ للعلم الشرعي تكبر ولا أجد لها صدى في محيطي، والآن أنا أعمل، وأبغض عملي لذاته أولا فأنا لا أحبّه، وثانيا لأن فيه اختلاطا، ولكن أبي لا يزال لا يبالي بما أريد، ويتدخّل حتى في عملي بأن يوصي عليّ مرؤوسيّ.
اتفقت مع زوجي قبل الزواج أن يمنحني حرّيتي في مجال دراستي وعملي، وأعلمته أني على الأرجح سأترك كلّ شيئ إثر الزواج لأتفرّغ فعلا لما أريده من دراسة شرعية، وتنمية ذاتية، والاعتناء ببيتي وزوجي.
طبعا أبي لا يزال يعلمني أنه لا يزال يحلم بأن أواصل دراستي وعملي بعد الزواج حتى لا تضيع جهوده معي لسنوات هباء على حدّ قوله، ولكني أعلمته أن لي أولويات أخرى أحقّ بالتّفرّغ لها من الدراسة والعمل.
فأنا أشعر بالنفور من العمل والملل من هذا الطريق الذي طالما سرت فيه دون إرادة خالصة مني يشعرانني بأن حياتي الحقيقية لم تبدأ بعد، فأنا أجد فطرتي وراحتي في الارتقاء بديني عبر التفرغ للعلوم الشرعية، والبقاء في البيت لرعايته، وحسن الاهتمام به وبزوجي، خاصة وأني أفتقر جدا إلى المهارات في هذا الباب.
أرجو أن تمدّوني برؤية شرعية ونفسية لما سردته لكم من مختلف الجوانب، وأن تجيبوني على ضوء الأسئلة التالية بارك الله فيكم:
كيف أعالج صعوبة اتخاذ القرارات الفردية التي ظللت أعاني منها؟ فقد تعوّدت أن يتحكّم طرف آخر في حياتي؟ وهل من السليم من وجهة نظر شرعية ونفسية أن أترك المنهج الذي وضعني عليه أبي بعد الزواج؟ وهل يحقّ لي هذا؟ وهل هذا مناسب برأيكم؟
جزاكم الله خيرا على نصحكم وإرشادكم.