الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم توفر المال لدخول التخصص الذي أريده يسبب لي قلقاً!

السؤال

السلام عليكم

أُواجه مشاكل نفسية في حياتي، من بينها: أن أيّ تصرّف يصدر من شخص ما نحوي –حتى لو كان عاديًا– يتحول في ذهني إلى مشكلة، رغم إدراكي أن الأمر بسيط، فإن عقلي يستمر في تضخيمه وتحويله إلى أفكار سيئة.

مثلًا: إن فعلت صديقتي شيئًا عاديًا، فإن عقلي الباطن يصوّره لي كأمر كبير، وكأنها مشكلة، مما يؤدي إلى شجار بيننا، رغم علمي بأنها لم تؤذني، ولكن الأفكار تستمر في إخباري بأنها تقصد إيذائي، وتفسّر كل شيء بشكل سيئ!

كذلك، إذا تعلّقت بأي شخص – صديق أو صديقة – فإنني لا أطيق فراقه حتى لو ليومين فقط، رغم أنها مدة قصيرة.

لا أشعر أبدًا براحة نفسية؛ فعقلي لا يتوقف عن التفكير، وأحيانًا أفكر في موضوع معين، فتبدأ مخيلتي بتخيل أشياء سلبية، فأبكي دون وعي على أبسط الأمور.

أشعر وكأن قلبي تحت صخرة ثقيلة، أو كأن أحدًا يمسكه ويضغط عليه بقوة.

أما الآن، فأنا أواجه مشكلة كبيرة، وهي أنني أحتاج إلى مبلغ مالي كبير من أجل دراسة التخصص الذي أريده، ولكن لا أملكه، وهذا الأمر يشعرني وكأنني أعيش في ظلام.

لا أفعل شيئًا براحة: لا آكل براحة، ولا أنام، ولا أضحك، ولا أتحدث مع أهلي براحة.

لا أحب أن يكلّمني أحد، وإذا سألني أحد أي سؤال، أشعر بالغضب، وقد أصرخ أو ألتزم الصمت تمامًا. كلّ ما يشغل تفكيري هو: "كيف أحصل على المال لأدرس؟!"

حقًا، أنا أعاني، وأشعر أن لا أحد يستطيع مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.

العصبية التي تُعانين منها ربما تكون ناتجة عن التفكير السلبي عن نفسك وعن العالم الذي حولك وعن النظرة للمستقبل، وكل ذلك قد يُحدثُ نوعًا من الإحباط، ويزيد من التفكير السلبي، ويُصبح الشخص في دوّامة أو في دائرة مفرغة لا يستطيع الانفكاك عنها، ورحم الله القائل:

وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى ... ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها ... فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ

الإنسان عليه أن يُخطط لمستقبله، وليس هذا عيبًا، خاصةً وأنك في مُقتبل العمر ويُرجى منك الكثير، وأنك في مرحلة دراسية فاصلة، يُحدّد بعدها مستقبل حياتك الدراسية والعملية، وكما ذكرتِ أنك تُخطّطين لدراسة تخصص مُعيّن، ولكن يحتاج إلى توفير أو تدبير مبلغ من المال ربما يكون فوق طاقتك.

نقول لك: هذا الأمر ليس بعزيز على الله سبحانه وتعالى، وربما يأتيك الفرج من حيث لا تدرين، ويتحقق ما تُريدين بإذن الله سبحانه وتعالى، والمطلوب هو التقرُّب إلى الله تعالى بفعل الطاعات واجتناب المنكرات، وكثرة الاستغفار والدعاء المستمر، واليقين بأن الله تعالى قادرٌ على كل شيءٍ.

إذا عملتِ بالأسباب ولم يتحقق ما تريدين فاعلمي أن الله تعالى يُريد لك خيرًا في تخصُّصٍ آخر، قد لا يظهر غيره حاليًا، وهنا يأتي موضوع القناعة والرضا بما قسمه الله تعالى أو بما سيقسمه الله سبحانه وتعالى لك، خاصّةً إذا سبق ذلك استخارة الله في مثل هذه الأمور.

ما عليك إلَّا الاجتهاد في الدراسة والحصول على معدّلات عالية، فكثير من الطلاب المتميزين حصلوا على مِنح دراسية في تخصُّصاتٍ مختلفة، نتيجةً لتميُّزهم، سواء من جامعات أو حكومات أو جمعيات طوعية، وغيرها من الجهات التي تُقدِّم المِنح الدراسية، فينبغي عليك البحث عنها ومعرفة شروطها.

ثانيًا: التفكير في موضوع البدائل في حال عدم توفر المال اللازم لدراسة هذا التخصص الذي تُخطّطين لدراسته، فما هي التخصصات الأخرى التي يمكن أن تدرسيها والتي يمكن أن تتوافق مع ميولك وقدراتك الشخصية؟ فأحيانًا تكون رغبة الطالب نتيجة لعوامل اجتماعية، مثل رغبة الأسرة أو الأصدقاء، وعندما يُلبّي الطالب هذه الرغبة لا يجد نفسه مرتاحًا لهذا التخصص أو لا يرتاح لطبيعة المهنة التي تتعلق بهذا التخصص.

الأمر يحتاج إلى تدقيق وإلى استشارة وإلى استخارة، ونسأل الله تعالى أن يجعل ما فيه الخير لك في الدّين والدنيا.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً