الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انفصلت عن زوجتي وأريد ردها لكن أهلها يقفون بوجهنا، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا كنت متزوجًا، وأحب زوجتي جداً، وحصلت مشاكل بيني وبينها، وبعد تدخل أهلها -لا سامحهم الله- انفصلت عني زوجتي رغماً عني، منذ سنة وشهرين.

أنا ما زلت أحب زوجتي ومتعلق بها، ولا أستطيع تخطي الموضوع، وعاجز أمام الأمر، كل المحاولات تفشل بسبب أهلها وتدخلهم، ودسهم السم في دماغ زوجتي، ولكني ما زلت أملك الأمل في الله بأن يصلح بيننا، ويجمعنا مرة أخرى.

لا زلت أدعو الله بذلك، علماً بأن الدعاء يحاجج الأقدار، ومع الأسف حالتي الصحية تدهورت نتيجة هذا الموضوع، وأصبت بمرض الاكتئاب، والأطباء نصحوني بتخطي الموضوع والبعد، ومتابعة حياتي، ولكني أحبها ومتعلق بها.

إلى متى أستمر بالدعاء حتى يكون إلحاحًا ويستجاب لي؟ ومتى أوقف هذا الدعاء وأبدأ في تجاوز الأمر؟ وطبعاً أنا أحدثكم على أنني أوقف الدعاء حتى أستطيع العودة والعيش بشكل طبيعي، فأنا أحتاج إلى إيقاف كل شيء من ناحية هذا الموضوع، وكلي أمل بالله، ولكني لا أعلم متى يمكنني التيقن أن هذه الدعوة يجب أن تستبدل ولن تستجاب، ويجب علي تخطي الأمر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، إنه سميع قريب مجيب الدعوات.

أخي: دعنا نتحدث أولاً عن سبب ما أنت فيه، فإذا علمنا سبب الاكتئاب والدعاء المستمر مع عدم وجود بوادر، وهذا الزمن الطويل مع عدم تقدم في النتائج، أدركنا العلة التي نحن فيها واستطعنا تجاوزها.

أخي الكريم: إننا لا ننكر حباً كان معك لزوجتك، ولكن الشيطان -أخي- عمد وبعد الطلاق مباشرة إلى تضخيمه في نفسك، وإظهار أن هذه المرأة لا بديل لها ولا مثيل، ولا يمكن أن تجد من تحبها، فعمد الشيطان إلى غلق كل أبواب التفكير لديك إلا فيها، مع أنها أصبحت مطلقة، وبهذا قيد خياراتك، فأصبحت كلها متجهة نحوها دون غيرها.

لم تفهم من طول الزمن، ولا طول الدعاء، ولا كثرة الردود السلبية أن الخير قد يكون في غيرها، لذلك صعب عليك ما أنت فيه، وانتكست حالتك على صغر سنك، ولو استمر بك الحال هكذا، ربما ستعاني أكثر، وتتدهور حالتك بطريقة أكبر، لذا -أخي- ننصحك بما يأتي:

1- الإيمان بالقضاء والقدر، والاعتقاد التام بأن ما قدره الله هو الخير لك، وإن لم تكن تعلم، وقد قال ربنا: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، ومن هنا ندعوك إلى قراءة كتاب في العقيدة، وخاصة باب القضاء والقدر.

2- كل الدعاء مستجاب -أخي الكريم-، ولكن إذا دعوت بأمر رأى الله فيه الشر لك جنبك إياه، ورزقك على الدعاء أجراً غيره، فعن أبي سعيد الخدري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعةُ رَحِمٍ؛ إلا أعطاه بها إحدى ثلاثَ: إما أن يُعجِّلَ له دعوتَه، وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ، وإما أن يَصرِف عنه من السُّوءِ مثلَها.. قالوا: إذًا نُكثِرُ.. قال: اللهُ أكثرُ).

قال ابن حجر: (كلُّ داعٍ يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة؛ فتارةً تقعُ بعين ما دعا به، وتارةً بعوضه).

3- إننا ندعوك الآن بوقف التفكير في هذه المطلقة، والبحث عن زوجة صالحة دينة صاحبة خلق وجمال، وأن تستخير الله تعالى عليها متى ما وجدتها، وأن تبدأ حياتك الجديدة.

4- سيوهمك الشيطان اليوم بأن هذا مستحيل، ونحن نؤكد لك أنك متى ما وجدت الزوجة الصالحة من بيت صالح، فإن نفسيتك ستتحسن وتتغير.

5- لا بأس إن أراد بعض أهلك التواصل معهم، وللمرة الأخيرة في إمكانية الرجوع من عدمه، لكن يتم هذا، وأنت باحث عن أخرى.

ثق -أخي- أن هذا هو الطريق الصحيح، وان الاستخارة لن تجلب لك إلا الخير، نسأل الله أن يوفقك وأن يرعاك، وأن يرزقك الزوجة الصالحة.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً