الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أصدق كلام أمي أم أن الحق مع زوجي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا امرأة متزوجة، لدي بنتان -الحمد لله- حدثت بيني وبين زوجي مشاكل، ووصلت إلى أهلي، ولكن كل مرة يأتي زوجي ويصلح الأمر، وأعود إليه، وأهلي لا ينسون ذلك، ودائماً يعتقدون أنه رجل متسلط، وبخيل؛ لأنه يمنعني من لبس الملابس غير المحتشمة، وكذلك المكياج، ويمنعني من الذهاب إلى بيت أختي؛ لأن زوجها منفتح قليلاً، ويحب الكلام والضحك، وزوجي يرفض، وأهلي يغضبون لماذا يرفض، فهو قريب أمي، وعاش معنا فترة في منزلنا.

أنا احترمت رغبات زوجي، وأفعل كل ما يريد هو، لكن في هذه المرة أخبرتني أمي أنها سمعت أحد أقاربنا يقول لأبي إنه رأى زوجي في قهوة مشبوهة، وطلبت مني أن لا أخبر زوجي، ولكني كنت غاضبة جداً، فلم أمسك نفسي وسألته، فغضب زوجي كثيراً؛ لأنه ظن أن أمي نقلت الكلام لتحدث مشكلة؛ ولأن هذه القهوة هي قهوة طبيعية، حال بقية أماكن القهوة، وبما أننا نعيش في أوروبا، فكل المقاهي هنا تدخلها النساء، وبدأ يصرخ، وظن أني لا أثق به، وقام ببعث رسالة إلى أمي، وقال لها: إنه قد حذر الجميع من التدخل في أمورنا الخاصة، وإنه لم يعد يريدها أن تأتي بيتنا، أو يذهب بيتهم، وذكر زوج أختي، وغلط عليه.

زوجي اعترف بأنه أخطأ في حق زوج أختي، ولو سمع زوج أختي فإنه سيذهب ليصالحه، ولكن أصر على أن لا يعتذر من أمي، وأمي لن تسكت، واتصلت بي، وبدأت تهدد وتتوعد، وتدعو علي وعليه، وتغلط في حقي وحقه، وبدأت تقول بأني أعبد زوجي، وبأن زوجي ليس جيداً، وسيأتي يوم ويرميني بالشارع.

أنا الآن ضائعة، هل أصدق كلام أمي، أم أن الحق لزوجي؟ دلوني أرجوكم، بالرغم من أني أحب زوجي كثيراً، وهو يحبني ويحب بناته، وكل مشاكلنا كانت شرارتها مني، وهو عصبي، فكبرت المشكلة.

أنا متعلقة به؛ لأني لم أر الحب إلا معه؛ لأني عندما كنت في بيت أهلي كان أبي وأمي في شجار دائم، وما زالوا كذلك.

دلوني، أرجوكم، ماذا أفعل لكي تهدأ النفوس؟ فأنا لا أريد خسارة أمي، وأيضاً لا أريد أن أخسر بيتي وزوجي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائلة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، إنه جواد كريم.

أختنا الفاضلة: الجواب المباشر على سؤالك هو: أطيعي زوجك وكوني معه، ولا تصدقي عنه ما يضرك، وإذا بلغك عنه ما يسوء فاكتمي الأمر، ولا تخبريه، وأعينيه على نفسه، واعلمي -أختنا- أن كل معصية مستترة وغير معلنة هي أقرب إلى الحل، فلا تكسري البناء الذي بينك وبينه، ودائماً أظهري له ثقتك به، وأنه أهل لتلك الثقة، بهذا المنهج تربحين زوجك وتسعدين معه.

ثانياً: أمك لها حق عليك، وبرها فرض عليك، وأنت قد أخطأت -أختنا- في أمرين:

1- حين أخذت كلام والدتك على محمل الجد، فترسخ في ذاكرتك، وتلاعب الشيطان بك فضخم الأمر على غير ما هو عليه، وتلك عادة الشيطان.

2- حين أخبرت زوجك بما سمعت، وبالطبع فهم من أخبرك، وهذا لا يحتاج إلى ذكاء منه، ومن الصعب الآن في هذا التوقيت اعتذار الزوج من أمك؛ لأن الشيطان كما ضخم لك ضخم له، وهذا يحتاج إلى وقت حتى يرمم جرحه.

3- مواقف زوجك من زوج أختك صحيحة شرعاً، ويجب عليك الاستماع له، وهذا لا يعد مذمةً في الرجل، فالأصل أن زوج أختك أجنبي عنك، فإذا أضفنا انفتاحه، فهذا يؤكد لنا صحة ما ذهب إليه زوجك.

رابعاً: نريد أن ننصحك بما يلي:

1- التواصل الدائم مع الوالدة، وإخبارها بمحبتك لها، وتحمل قسوتها وشدتها، فهي بلا شك تريد الخير لك، لكنها أخطأت في التعامل، وهذا الخطأ لا ينقص قدرها ولا يقلل برها.

2- عدم إيصال أي رسالة سلبية لأمك في حق زوجك، فحتى لو أخطأ الزوج فيها أو في تصرفاته، فاحتفظي بهذا الكلام ولا تردديه عندها.

3- كل طلبات الزوج منك مما ترفضه الوالدة أخبريها أن هذا رأيك أنت، وأنك مرتاحة لذلك، فمثلاً قولي لها: زوج أختي محترم، وأسأل الله أن يبارك له في زوجته وأهله وبيته، لكني لا أحب الذهاب كثيرًا إلى هناك، عبري عن قرارات زوجك بأنها قناعاتك الشخصية، ويكفي أن يكون التعبير مرةً واحدةً، فإذا كرروا الحديث، فاجتهدي في تغييره.

4- لا تضغطي في هذه المرحلة على زوجك حتى يعتذر لأمك، ولا تضغطي عليه في زيارتها لك، وعليك فقط إرسال رسائل إيجابية إلى الطرفين بدون مبالغات زائدة.

5- اجتهدي في بر أهل زوجك ولو بالتواصل؛ فإن الرجل متى ما رأى ود زوجته لأهله أحبها، وأحب رد الخير بمثله، ولكن لا تخبري الوالدة أو أهلك أنك على تواصل دائم مع أهل زوجك.

6- أكثري من الدعاء أن يصلح الله ما كان بينهم، ولا تتعجلي، واصبري على حديث الوالدة، وعلى قسوتها، واعلمي أن والدتك تحبك، وهي وإن أخطأت في الأسلوب أو الطريقة إلا أن حبها لك فطري، لا يمكن أن تجدي حباً شبيهاً له، وأنت أم، وتعرفين اليوم ماذا تعني ابنتك لك.

حافظي على زوجك وبيتك بكل أخطائه، فهو خير لك، وسعادتك من سعادته، تغافلي وحافظي على بيتك، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً