الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أكلم نفسي بصوت مرتفع وأتفاعل مع تخيلاتي.. ما تشخيص ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في فترة أصبح يتردد علي حلم، وهو أن أرى شخصاً لا يراه غيري، علماً بأني لا أعلم من تكون تلك المرأة، ولكن تأتي إلي في الحلم وتجلس بالزاوية، وتؤشر لي بالقدوم، وبعدها بدأت في التطبيب على ظهري طول الوقت، وتتكلم معي.

المشكلة أني آتي وأحدث أمي وأبي، ويروني أتحدث إلى نفسي، ويعتقدون أني مجنونة، ويخبروني بأنه لا أحد يجلس بجانبي، وفي الحلم أحاول الإثبات لأهلي بأنها موجودة، وعندما أراهم مصرّين على عدم وجودها؛ أحاول جاهدة إقناعهم أني في حالة نفسية سيئة، أدت إلى أن أتخيل أشخاصاً لا يراهم أحد غيري.

بينما يجري هذا الحديث أن المرأة لا زالت تطبطب على ظهري، وتتكلم، ولا أعلم إذا كان من الضروري ذكر ذلك، ولكن قد سبق ذهابي إلى طبيب بسبب ألم قوي في المعدة، وأخبرني الطبيب بأني لا أعاني من شيء، وبأنها حالة نفسية، وأهلي لم يأخذوا كلامه على محمل الجد، بحجة أني لا زلت صغيرة، ومن أين ستصبح لي تلك الحالة النفسية؟

أهلي يعتقدون تماماً أنه إذا لم يحصل لك شيء صادم في الحياة فلا يمكن أن تحدث لك حالة نفسية من غير سبب، وبنفس الوقت أخي ذهب منذ فترة إلى طبيب نفسي بمساعدة أهلي، وأرى أنهم يعتنون به جداً، وقلقون على حالته.

لذا يتكلمون معه بحذر، ودائماً أمي تحذرني من إزعاجه، وأن أبقى بعيدة عن المشادّات اللفظية معه، لذا أشعر بالغضب الشديد طول الوقت، وأحزن لأني حقاً أعاني، ودائماً أكلم نفسي بصوت مرتفع، وأتفاعل مع تخيلاتي، بأن أضحك بشدة أو أبكي، حتى إني أهلوس بوجود أشياء ليست بالضرورة من الأشخاص، هي فقط توهمات بصرية مرئية صغيرة ولكن دائماً ما أكون قلقة بشأنها، ودائماً أهلوس بتوهمات سمعية أيضاً.

أنا حقاً محتارة، كيف سأصارح أهلي؟ لأنهم فعلياً لا يستجيبون لي.

وجزاكم الله الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لورين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

الظاهرة التي تتحدثين عنها بالفعل قد لا يفهمها الآخرون، وقد يرونها نوعًا من المبالغة أو الخيال غير الموجود، وأنا من ناحيتي أقول لك – أيتها الفاضلة الكريمة -: هذا الذي يحدث لك من تجربة وسواسية مرتبطة ببعض الهلاوس البصرية الكاذبة ناتج من القلق النفسي، أو الإجهاد النفسي، وكثير من الناس يحدث لهم شيء من اجترار أفكار، أو نوع من الهلاوس الكاذبة في مجتمعاتنا، لأن ثقافة المجتمع تتكلّم كثيرًا عن هذه الغيبيات.

أقول لك: الأمر يجب أن يتم تجاهله، وتحقيره تمامًا، ولا تتحدثي حول هذا الموضوع، وهذا النوع من الحلم يُفضّل ألَّا يحكي عنه الإنسان، حين تستيقظين من النوم بصورة كاملة عليك أن تتفلي على شقك الأيسر، وتستعيذي بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وأن تنظمي نومك، بحيث يُساعدك ذلك على تجنُّب الإجهاد النفسي والجسدي. هذا أولاً.

ثانيًا: تجنّبي السهر، ولا تتناولي الشاي أو القهوة، أو أيٍّ من محتويات الكافيين بعد الساعة الرابعة مساءً.

ثالثًا: عليك بالانخراط في تمارين رياضية تناسب الفتاة المسلمة، وكذلك عليك بممارسة تمارين الاسترخاء. هنالك تمارين للتنفس المتدرجة، وتمارين أخرى لشد العضلات وقبضها، ثم استرخائها. من وجهة نظري أن هذا سوف يُساعدك كثيرًا.

رابعًا: أرجو أن تكوني حريصة على صلواتك، والأذكار بعد الصلاة، وأذكار الصباح والمساء، ويجب أن يكون لك ورد قرآني يومي، وسلي الله أن يحفظك، وأن يزيل ما بك.

الأمر ليس أكثر من ذلك – أيتها الفاضلة الكريمة – وحاولي أن تكوني عضوًا فعّالاً في أسرتك، وأن تكسبي ود والديك، وأنا متأكد أنهم يحبونك مثل حبّهم لأخيك، ويجب أن تأخذي أنت المبادرات الإيجابية حيالهم، وأنا متأكد أنهم سوف يُبادلونك ذلك، وطبعًا الصراخ في وجه الوالدين ليس أمرًا جيدًا، بل هو أمر مرفوض، وعلى العكس لا بد أن نسعى دائمًا لبرِّ الوالدين.

هذه هي المتطلبات العلاجية الإرشادية، وأرجو أيضًا أن تتجنبي الفراغ، الفراغ يؤدي إلى مثل هذه التجارب أيضًا، الوقت يجب أن نستفيد منه، الإنسان يجب أن يُدير وقته، وأن يُدير طاقاته الذهنية والجسدية بصورة صحيحة، والذي يقوم بهذا لا شك أنه سوف يُدير حياته بصورة ممتازة، فاحرصي على ذلك.

أنت لم توضحي عمرك، لكن إذا كان عمرك فوق الثامنة عشرة، فقد تحتاجين لدواء بسيط، هنالك أدوية مضادة للقلق وللمخاوف وللوسوسة، منها عقار يُسمّى (فافرين)، واسمه العلمي (فلوفوكسامين) أيضًا سوف يُساعد كثيرًا في علاج حالتك. عمومًا سوف أذكر جرعته، وهي: أن تبدئي بخمسين مليجرام ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة مائة مليجرام ليلاً، لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً، لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ، لمدة أسبوعين آخرين.

قطعًا لا تبدئي الدواء إلَّا إذا استوفيت شرط العمر، وبعد موافقة أهلك، وإن اقتنعوا بأن يذهبوا معك إلى طبيب نفسي، فهذا أيضًا أمر جيد، لكن ما ذكرتُه لك من إرشاد قد يكون كافيًا تمامًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً