الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يعاشرني بالمعروف وهمه أن أعطيه حقه!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة منذ سنوات، وأم 4 أطفال، تزوجت من رجل على أساس الدين والخلق، ولكن على مدار 10 سنوات جرحت منه كثيرًا؛ بسبب النساء، من تتبعه لهن في السوق، وصولًا إلى الصور والمواقع الإباحية بشكل متكرر.

حاولت طيلة الأعوام الماضية أن أعينه، وكنت متفهمة للأمر، حتى أني كنت في فترة من الفترات أمسك هاتفه، وأحذف أي مقاطع أو صور سيئة، حتى لا تعرض له أثناء تصفحه الفيس بوك، ثم اتفقنا على حذفه تمامًا.

كان أحيانًا يهينني ويتعامل معي مثل معاملته لامرأة ممن عرفهن قبل الزواج، وقد أقسم بالله كذبًا أنه لم يفعل، واكتشفت بعد سنوات أنه فعل! لم يعد لدي ثقة فيه، والآن بعد أن ابتلي بمرضين ليس لهما علاج، تاب ويحاول أن يستقيم، ولكنه ما زال إذا نظرت له امرأة -أي نظرة- ينشغل ويأتي ويحكي لي، ولكني تغيرت كثيرًا، اسود قلبي منه، وأصبحت أهينه انتقامًا لنفسي، وأشعر بأن الحياة معه أصبحت مستحيلة.

لا أستطيع طلب الطلاق؛ بسبب أولادي، وليس لدي أهل إلا أختاً واحدة، وليس لدي مصدر للدخل حتى أنفق منه، وليس عندي أي رجل يعينني ويحميني أنا وأولادي، وهو لا يعطيني حقي من المعاشرة بالمعروف، أهم شيء عنده أن أعطيه حقه في الفراش، فإن امتنعت لتعب أو ضيق نفسي بسبب حالتي، يأخذ حقه غصبًا بالضرب، وحالتي النفسية أو أي شيء يخصني غير مهم له على الإطلاق، وكل هذا بالطبع بعد تدهور علاقتنا، تعبت من حياتي، ولا مفر لي منها، أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أم عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يعينك على حسن التربية للأبناء، وأن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلا هو.

لا شك ما حصل من الزوج مخالفات شرعية، ولا يمكن أن نؤيده عليها، ولكن نحب أن نذكر بأن الفاضلات -أمثالك- تكون عونًا لزوجها على إصلاح طريقه، ولإعطائه الثقة، وعلى محاولة جذبه إلى الحلال، وإلى الطريق الصحيح الذي يرضي الله تبارك وتعالى، ونشعر من خلال هذه الاستشارة، ومن خلال هذا الصبر، والحرص على الأبناء، أنك -بتوفيق من الله- ستكونين قادرة على تغيير هذا الوضع، ونتمنى أن تغيري نيتك، لتجعلي النية الأولى إصلاح هذا الرجل، ونذكرك ببشارة النبي -صلى الله عليه وسلم-:" لئن يهدي الله بك رجلاً واحدًا -طبعًا أو امرأة- خير لك من حمر النعم"، فكيف إذا كان الرجل هو الزوج وأبا الأولاد، الذي مرض في آخر حياته؟

ونحب أن نؤكد لك أن هذا الزوج الذي يحرص على أخذ حقه الشرعي، وعلى أن يتعامل معك على الأقل في هذا الجانب، ينبغي أن تجتهدي في احتوائه، والإحسان إليه، وتوفير البديل الشرعي، والصبر عليه، لا أقول لأجل الظروف التي عندك فقط، ولكن لأن هذا فيه مصلحة للأولاد، وفيه فرصة له من أجل أن يصلح طريقه، ونعتقد أن الرجل الذي يأتي فيتكلم عن أن هناك من نظر إليه، هذا رجل يحتاج إلى مزيد من الاهتمام من زوجته، والثناء عليه، الثناء على صفاته الجميلة، حتى يكمل هذا النقص الذي يحتاج إلى إشباعه، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

أكرر: نحن لا نؤيد ما حصل منه، لكن لا نريد للخطأ أن يقابل بنفس الطريقة من الخطأ، ونذكر بأن العلاقة الزوجية طاعة لرب البرية، فالزوج سيحاسب على إساءته، وسيجازى على إحسانه، وأنت كذلك، ستحاسبين على التقصير في حقه، واعلمي أن تقصيره لا يبيح لك التقصير، وإذا فهمنا أن العلاقة الزوجية طاعة لرب البرية، وأن الذي يجازي فيها هو الله، والذي يحاسب المقصر هو الله، فإن الفكرة ستتغير، ولا تعطي الشيطان فرصة، فمعظم هذا الذي حدث الواضح أنه كان في الماضي، وفي أيام الشباب، وقبل أن يصيبه المرض، ولكن الآن ساعديه على أن يتوب، فهذا خير لك وله.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على تجاوز هذه الصعوبات، واجتهدي دائمًا، نسأل الله لنا ولك وله التوفيق والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً