الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عائلة زوجتي تشجعها على الطلاق بإثارة المشاكل الصغيرة!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:

أتمنى إرشادي للطريق الصحيح، فأنا متزوج، ولدي أطفال، وزوجتي من أسرة تحكمها الأم، والأب متعدد الزواج والطلاق، وليس لهويته وجود داخل المنزل، وأهلها يرفضونني منذ البداية بسبب تسلط الأم، واعتقادها بأنها قادرة على التحكم بالجميع، كما تفعل داخل أسرتها، ولم يعد هناك أي طريقة للتسوية غير تركهم، لأنهم مصدر للمشاكل غير المنتهية.

بعد سنة ازداد تأثيرهم على زوجتي، بأشكال عديدة غير مباشرة، لإجبارها على الطلاق، عن طريق تأجيج المشاكل الصغيرة بيننا لتصبح أكبر، واستغلالها لترك بيتها، وإبداء استعدادهم لدفع كل شيء، وتأييدها لترك كل شيء، ومحاولة تحطيم أسرتي بصورة غير مباشرة.

حاليًا، وبعد 17 سنةً، أعاني الكثير من المشاكل داخل أسرتي؛ حيث أصبحت زوجتي تكرهني، ولا تستمع لكلامي، وتهمل المنزل والأطفال، وتمتنع عن الفراش كتهديد لي، وتطلب مبلغًا من راتبي لها على حسابها كنفقة، وتقول بالمساواة في تربية الأطفال، والمساواة في العمل بالمنزل، وزادت في تعاليها مؤخرًا برفع صوتها، وكسر كلامي أمام الأطفال، حتى أصبح كل طفل يمتلك شخصيتين؛ شخصيةً يتصرفها مع الأم، وشخصيةً مع الأب، مما جعل الأطفال يعانون الكثير، وفي حالة من التشتت والإرباك، وهي لا تكترث، وتركيزها ليس على الإصلاح، بل على الطلاق بأي ثمن.

علمًا بأنها تمتلك جميع متطلبات الحياة الراقية، وليست المتوسطة، أو العادية، وأقدم لها جميع ما أملك من نصائح، ومعاملة طيبة، علمًا بأن جميع مشاكلنا تافهة جدًا، كالخلاف على العشاء، بحيث ينام الأطفال بدون عشاء، وتدعي بأنها لم تجد وقتًا لذلك بسبب عملها، والذي لا يفيدنا بشيء؛ فهي بحال ممتازة، أو عدم الخروج مع الأطفال للتنزه، فهي دائمًا تتعذر بالعمل، ولا تتعظ بأي حديث أو تخويف من الله سبحانه على فعلها، وتطلب الطلاق، فما العمل؟

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، والحرص على السؤال، ونحيي صبرك على هذه الزوجة وأسرتها، ونسأل الله أن يهديهم لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

حقيقةً أنت تواجه صعوبات، ولكن كنَّا نتمنَّى أيضًا أن نرى الجوانب الإيجابية، وأنت تُشكر على هذا الصبر والإحسان، ونتمنّى أن تجتهد في كسب هؤلاء العيال، في تربيتهم على طاعة الكبير المتعال، فإنهم إن أطاعوا الله تبارك وتعالى كانوا مصدر خيرٍ، وأعتقد أن فيهم الكبار الذين يستطيعون أن يستوعبوا هذه الصعوبات التي تواجهك، وسيكونون سندًا لك -بإذن الله تبارك وتعالى-.

ونتمنَّى أيضًا أن تُشجّع الزوجة على التواصل مع الموقع؛ حتى نستمع لوجهة نظرها، وتستمع هي للنصائح من طرف خارجي، وبلا شك هؤلاء الأهل أساؤوا إليكم كأسرة، هم سيُسألون بين يدي الله تبارك وتعالى، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ليس منا من خبب امرأة على زوجها) رواه أحمد وأبو داود.

فاستمر على ما أنت عليه من الخير، واعلم أن الدّين لا يُجبرك على البقاء في بيتٍ واحدٍ، وبإمكانك أن تتزوج بأخرى، ولك أن تصبر وتحتسب وأنت تُحسن إلى هؤلاء الأطفال، الذين أرجو أن يكونوا واضحين في معادلتك الجديدة، بحيث أي تصرُّف ينبغي أن تُراعي فيه مصلحة هؤلاء الصغار، واستقرارهم النفسي، ومن الحكمة تفادي أسباب المشكلات، ومن الحكمة تفادي كل ما يسمح لأهلها بالتدخُّل، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

أمَّا بالنسبة للطلاق فأمره إليك، والشريعة ما جعلت الطلاق عند الرجل إلَّا لأنه الأعقل، والأحكم، والأحرص على الأسرة، والذي يعرف عواقب الأمور ومآلاتها، ونحب أن نؤكد أن الطلاق ليس حلًّا في كل الأحوال، إلَّا إذا كان على أسس صحيحة؛ فالطلاق أحيانًا يكون هو البداية الفعلية للمشكلات والأزمات، وخاصّةً إذا كان مع أسرة تعتاد هذا العناد، وتُحرّض الزوجة، فستكون مساحة التحريض أكبر، وسيستخدمون هؤلاء الأطفال ككروت للضغط عليك، ولذلك أرجو أن يُدرس الموضوع دراسةً كاملةً وشاملةً، ونحن عمومًا لا نؤيد الإسراع في مسألة الطلاق، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، ونتمنَّى أن تجد من العقلاء، والفضلاء، والفاضلات ممَن يستطيعون أن يتدخلوا تدخُّلاً إيجابيًا، ونافعًا، ونسأل الله لنا ولهم ولك الهداية والثبات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً