الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع هذا النوع من الصديقات؟

السؤال

السلام عليكم

كان لي صديقة قطعت صداقتي معها منذ أعوام، وذلك حينما منّ الله علي بالالتزام، وكنت أحاول دعوتها للالتزام بحدود الله، فكانت لا تُجيب ولا تقبل كلامي إلا نادراً، وكانت في أغلب أحوالها تتلقاه بالسخرية والاستهزاء، وكان هذا الطبع متأصلاً فيها، ليس من ناحية الدين فقط، بل إنه متأصل فيها لدرجة أنها تستمتع فإن وجدت شيئاً تسخر منه، وربما كان هذا على هيئة مزاح، لكن بالنسبة لي لم أكن أحبه، إضافة إلى ذلك كله أني تعلقت بها بشدة، وبفضل الله ابتعدت عنها، لأني تساءلت: أوليس من المفترض ألا نحب أحداً كحب الله؟ وذلك في قوله تعالى: (والذين آمنوا أشد حباً لله)، فدعوت الله بأن يباعد بيني وبينها كما باعد بين المشرق والمغرب، إن كانت صحبتي لها لا خير فيها، واستجاب الرحمن دعائي، وأعانني، وباعد بيني وبينها، عندما كنا في الصف الثالث الثانوي.

ابتعدت ولكن لم أخبرها بشيء، وكانت اللقاءات والمكالمات قليلة جداً في ذلك العام، وحصل أنها في ذلك العام رسبت، فلم أزرها إلا بعد فترة، وخلال إعادتها لذاك العام لم أزرها مطلقاً، ولم أكلمها في الهاتف، وفي نهاية العام رسبت مرة أخرى، وزرتها مع شيختي زيارة خفيفة، ومن ثم بعد ذلك نجحت في الدور الثاني، وكنت أتألم من داء العشق الذي أصابني من ناحيتها ألماً لا يعلم مبلغه إلا الله، وفي الفترة الأخيرة تعافيت بنسبة كبيرة من ذلك الأمر، حتى أصبح مقابلتي لها أو حديثي معها أمراً طبيعياً.

منذ ما يقارب الشهر اتصلت بي، ولم تطل المكالمة، فكتبت لي على الواتساب تذكرني بسالف عهدنا بأسلوبها الجلف، الذي يشبه السم وكان ممتلئاً باللوم، وتخبرني بأنها تنتظرني، فأجبتها إجابة شافية بينت فيها أني ابتعدت، واكتفيت بالسلام، وطيب الذكرى، ولن يكون بيننا سوى السلام، فقابلت كلامي كعادتها بالعنف وسوء الظن.

في الليلة الماضية نشرت مقطعاً مرئياً عن الصداقة، فعلقت بكلام يؤذي مشاعري، وفيه إهانة لي، حاولت أن تصل الصورة بشكل دقيق، لأن الأمر يهمني جداً، فهو عندي أشد من قطع الرقاب، لأنه متعلق بقلبي.

سؤالي: مثل هذه كيف يكون تعاملي معها في قادم السنوات، إن كان في العمر بقية؟ يعني إذا مرضت وحصل عندها مناسبة، هل أزورها؟ وهل أبقي حسابها على هاتفي؟ وبماذا تنصحوني لأحصن قلبي من هذا الأمر؟ وما حدود الصداقة والمحبة في الله، حتى لا أقع في التعلق بغيره، لأن هذا الأمر بات يقلقني؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يعمر قلبك بالإيمان، وبحب خالق الأكوان، ثم بحب النبي صلى الله عليه وسلم، وحب ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

اعلمي أن المحبة المطلوبة، والصداقة الناجحة هي ما كانت في الله ولله وبالله، وعلى مراد الله، وأن كل أخوة أو صداقة تبنى على غير هذا تنقلب إلى عداوة، قال ربنا العظيم: (ٱلْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلْمُتَّقِينَ)، والعافية لا يعدلها شيء.

لذلك أرجو أن تكون العلاقة في حدود السلام، ولا تتكرر الزيارات، ومن المهم جداً التخلص من الموقع والارتباط وتغيير الهاتف، ما دام يأتيك ضرر من ذلك؛ فلا ضير عليك إذا تركت هذه، ففي المؤمنات الصالحات غنية، لكن لو حصل أنك قابلتها في مكان، في مستشفى أو في الطريق، فلا مانع من أن تسلمي عليها، لأن هذه من الحدود الشرعية، وإذا وجد السلام والسؤال في العام، والمباركة في الأعياد، أو نحو ذلك، وعند المقابلة، فهذا ينفي حصول القطيعة.

اعلمي أن كل باب تأتي منه الريح ينبغي أن يسد، فينبغي أن تتخلصي من الذكريات القديمة، الصور القديمة، تغيير الإيميل، لا تحرصي على كثرة الزيارة، وإذا قمت بالزيارة لمرضها، أو ظرف صعب يمر بها فجأة، فخذي معك من تكون معك من الأخوات، والزيارة تكون قصيرة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يملأ قلوبنا بحبه، وأن يلهمك الرشد والسداد.

لا تناقشي معها مثل هذه الأمور حتى لا تسخر من ثوابت هذا الشرع، فتكون على خطر عظيم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يضع في طريقك صديقات صالحات، يكن عوناً لك على طاعة الله، والصديقة الصالحة هي التي تذكرك إذا نسيت، وتعينك على طاعة الله إن ذكرت، والإنسانة المسلمة ما أعطيت بعد الإيمان عطاء أفضل من صديقة حسنة، تذكرها بالله إذا نيست -كما قلنا-، وتعينها على طاعة الله إذا ذكرت.

نسأل الله لنا ولك ولها التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً