الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد العودة لزوجي قبل أن يطلقني وأهلي يرفضون، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا متزوجة حديثاً، وقد بدأت المشاكل بيني وبين زوجي منذ الأيام الأولى، لأنه سريع الغضب، وبدأ بتوجيه الإهانات لي على أتفه الأسباب، وكان بعدها يحاول إصلاح الأمور، وتهدئتي إلا أنني قد نفرت منه، لأني لم أتوقع أن يكون بهذه الطباع السيئة، خاصة أني تزوجته عن حب، حتى إنه أهانني في إحدى المرات أمام عائلته.

حدثت مشكلة بيننا حديثاً، وقد بدأ بالشتائم إلى أن غضبت وطلبت الطلاق منه، وسافرت إلى بلدي، حاولنا بعد ذلك إصلاح الأمور، ولم نصل إلى نتيجة بسبب تعنته، وتدخلات الأهل، رغم أن عائلاتنا لم تتدخل إلا في الخير.

أنا أحب عائلته جداً، لكنه سيء الطباع، وعنيد جداً، وقد اتخذ بشكل نهائي قرار الطلاق، رغم أن المشكلة تافهة، ولا تستحق، وقد برر ذلك بأننا لن نستطيع الاتفاق، وأن شخصياتنا مختلفة، ولن نتفاهم، وأن هذا هو الحل الأنسب.

لقد صدمتني سرعة تخليه عني دون أن يقوم بأي مجهود لإصلاح الأمر، مع أنني طلبت منه التروي أكثر من مرة، وقلت له: إن قراره سيظلمني، وإني نادمة على طلبي، وقد أقدمت على ذلك لأنه كان يقوم بإهانتي باستمرار.

الآن أنا أفكر بالسفر إليه قبل وقوع الطلاق، والقيام بالمحاولة الأخيرة لمنع ذلك، بينما ينصحني إخوتي بعدم فعل ذلك، لأنه سيصبح أكثر قسوة معي، وقد يرفضني وأخسر كرامتي، كما أن تخليه عني دون مجهود للإصلاح يؤكد أنه لا يحبني، وأنه لا قيمة لي عنده.

ماذا أفعل؟ هل قراري بالسفر إليه خاطئ؟ خاصة أنه طلب مني أن أنساه أكثر من مرة، وهو جاد جداً بقراره، وعنيد، وقد أحضر أوراق الطلاق! علماً بأني أريد القيام بالمحاولة الأخيرة أمام الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -بنتنا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

لا شك أنك أعرف الناس بزوجك، وعليك أن تعلمي أنه لا يوجد إنسان بلا عيوب، ولا يوجد رجل بلا نقائص، كما أنه لا توجد امرأة بلا عيوب، فنحن بشر والنقص يطاردنا، ومن المهم في مثل هذه المواطن وضع الإيجابيات في كفة، ووضع السلبيات إلى جوارها، والنظر والتأمل فيها، وطوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته الكثيرة، ورغم أن سرعة الغضب هي العيب الموجود في هذا الزوج، وكونه معانداً يعد من العيوب الكبيرة، إلا أن الإنصاف يقتضي أن ننظر إلى الصورة كاملة.

أنت بلا شك صاحبة المصلحة، وقد لا نؤيد مسألة السفر إليه، ولكن المهم جداً التواصل معه، تواصلًا إيجابيًا، ولو بالرسائل، تطالبينه بأن نعطي أنفسنا فرصة، وندرس الخيارات الأخرى، ونشاور جهات الاختصاص، وأخبريه بأنك تواصلت مع موقع متخصص، موقعنا هذا -موقع إسلام ويب- والموقع يدعو الطرفين إلى التريث، لأن قرار الطلاق قرار ليس بالسهل، وينبغي أن يتخذ وفق الدراسات، وبتخطيط معين وتدبير، ونظر في مآلات الأمور.

اطلبي منه أن يتواصل معنا حتى يسمع النصيحة، أو أخبريه أنك تواصلت مع الموقع، والمختصون نصحوا بإعطاء فرصة جديدة لبعضكما، وللتواصل مع الموقع، حتى نضع النقاط على الحروف.

عليه أيضاً أن يتذكر أن الطلاق مسؤولية، وأن المسألة ليست بهذه السهولة، وأن الإنسان ينبغي أن يتريث، والشريعة ما جعلت الطلاق بيد الرجل إلا لأنه الأعقل، الذي ينظر في مآلات الأمور، ويتأمل فيها ،نسأل الله أن يعينك على إيصال هذه الرسالة له.

إذاً: نحن لا نؤيد السفر، ولكن نؤيد التلطف معه وإرسال الرسائل الرقيقة، والتواصل مع أسرته، وقد سعدنا أن علاقتهم بك جيدة، فقد يكون لهم تأثير عليه، لو أنك تواصلت وسألت عنهم، فإن هذه الرسالة الإيجابية تصل، وكون علاقتك جيدة بأسرته هذا دليل على تميزك، فكوني على تواصل معهم، لأن التواصل معهم ينبغي أن يستمر في كل الأحوال، حتى لو حصل -لا قدر- الله الطلاق والفراق، فلا مانع من أن يكون الاستمرار مع والدته وأخواته، وأهله من النساء في التواصل، فهذا التواصل يترك أثراً كبيراً جداً عليه وعلى أسرته، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهديه إلى الحق والخير.

وعليك أن تتوجهي إلى الله، فقلبك وقلب زوجك، وقلوب الناس بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، وحاولي دائماً أن لا تذكري لأهلك كل ما يحدث، لأن هذا يجعل الأهل يرفضون الرجوع حفاظاً على بنتهم، ولكن عندما تكون الأسرار الخاصة بين الزوجين مكتومة؛ فإن هذا مما يعين على الإصلاح، ومما يعين على عودة الأمور إلى وضعها الصحيح.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً