الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجاتي كارثية بالرغم من بذلي لجهود كبيرة، فما هو الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قررت إكمال دراستي في الغربة هذا العام، ولقد يسر الله ذلك -الحمد لله-، ولكن عندما أتيت، وبدأت الدراسة، اكتشفت أن عندي مشكلةً مع الدراسة؛ فنقاطي كارثية بالرغم من المحاولات المتكررة، والسعي المتواصل، ولكن بدون فائدة، وأنا في الغربة في عامي الأول، ووحيدة، وأشعر بضيق شديد، وعسر، وخاصةً عندما أفكر أن آمال والدي ستضيع.

حاليًا أفكر في التخلي عن حلمي، والعودة إلى بلدي، ولقد استخرت، هل أكمل طريقي وأحاول من جديد، أم يجب التخلي عن طريقي؟

عندما فتحت المصحف قرأت: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"، وبعدها: "وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه" فهل هذه إشارة إلى أن أواصل، وأن الله أتى بي هنا لأني أستطيع النجاح، أو لا علاقة لذلك بمشكلتي؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولًا: أود أن أعبر عن تقديري لمدى الجهد والتفاني الذي تبذلينه في دراستك، فالانتقال إلى بلد جديد، والتكيف مع نظام تعليمي مختلف يمكن أن يكون تحديًا كبيرًا، ومن الطبيعي أن تواجهي بعض الصعوبات في البداية.

بالنسبة لما ذكرتِ عن استخارتك، وقراءتك للآيات، من المهم تذكر أن الاستخارة إنما هي وسيلة لطلب الهداية من الله في اتخاذ قرار، والآيات التي قرأتها تحمل رسائل عميقة: "لا يكلف نفسا إلا وسعها"، تذكرنا بأن الله لا يكلفنا بما لا طاقة لنا به، و"وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه" تشجع على السير في الطريق الذي يرضي الله، ولا تربطي مصيرك بمجرد إشارة هنا أو هناك؛ لأنها قد تكون مجرد مصادفة.

وحتى على اعتبار أنها إشارة فعلاً، فليس معناها -بالضرورة- ترك الدراسة، والعودة إلى بلدك؛ فقد يكون المراد منها أن تبذلي وسعك في الدراسة، ولا تكلفي نفسك ما لا تطيقين، فهذا ليس حكمًا في اتخاذ قرار البقاء أو العودة، وأي قرار تتخذينه سواءً بالبقاء أو العودة لا بد أن تخبري والدك بذلك، لذلك نحب أن نناقش معك قرارك في المحاور التالية:

1. حاولي تقييم تجربتك الدراسية بشكل موضوعي، هل هناك مواد معينة تجدين صعوبةً فيها؟ هل يمكنك طلب المساعدة، أو الاستفادة من موارد إضافية؟

2. لا تترددي في طلب المساعدة، ويمكن أن يشمل ذلك التواصل مع أساتذتك، والحصول على مساعدة من مراكز الدعم الأكاديمي، أو حتى الانضمام إلى مجموعات دراسية.

3. إذا كانت الدراسة تمثل عبئًا كبيرًا، ففكري في البدائل التي قد تكون متاحةً لك، وهل هناك تخصصات أخرى قد تكون أكثر ملاءمة؟ وهل يمكنك تعديل خطتك الدراسية لتخفيف الضغط؟

4. الصبر والتفاؤل من أساسيات النجاح، فحاولي النظر إلى التحديات كفرص للنمو والتطور؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اله عليه وسلم-: (المُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللَّهِ، ولَا تَعْجَزْ، وإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا كَانَ كَذَا وكَذَا، ولَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ، ومَا شَاءَ الله فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ) [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].

5. عليك بالعمل على التوازن بين الأمور الدينية والدنيوية، وحاولي إيجاد التوازن بين التزاماتك الدينية والأكاديمية.

6. استمري في الدعاء، وثقي بأن الله سيهديك إلى ما فيه الخير لك: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ﴾ [غافر ٦٠].

تذكري أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وقد يكون هذا التحدي جزءًا من رحلتك للنمو والتطور، فاستمري في طلب الهداية والتوفيق من الله، واعلمي أنه مهما كان القرار الذي ستتخذينه، فإن الله معك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً