الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مترددة في القبول بخاطب لديه مشكلة في الإنجاب، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا آنسة، عمري 29 سنةً، ليس عندي أي سابق تجربة ارتباط، حاول أحدهم أن يتعرف إليّ من خلال العمل على مواقع التواصل، لكنني رفضت، وقلت له بأن يكون على الواقع، ومن خلال أهلي، فوافق وقال: بأنه يحتاج أن يتكلم معي أولاً قبل أن يكلّم والدي، وحصل، وتكلمنا مرتين، وعرفني بنفسه وبأهله، هو مَن، وأهله مَن، وحكى لي عن نفسه، وأنه منذ صغره يعيش وحده مع أهله في الخارج، وأنه مشى في طريق غير سوي، وعمل أشياء سيئة كثيرة لا يمكن أن أتخيلها، ولكن حصل له حادث، ومن وقتها تاب، ويحاول أن يكون قريبًا من الله سبحانه بقدر استطاعته.

وقال بأنه في السابق لم يكن لديه مشكلة في أن يأخذ فتاةً متبرجةً وغير ملتزمة، ولكنه بعد هذه الحادثة التي مرت به، وتجاربه، فإنه الآن يريد شريكةً تصونه وتقربه من الله.

بصراحة أنا ترددت، ولم أعرف كيف أرد عليه، ولكنني نصحته بأنه -سواءً كان لنا نصيب معًا أو لا– بألا يخبر أحدًا عن تلك المعاصي التي عملها، ما دام أنه قد تاب.

بعد ذلك في مكالمة ثانية قال لي: بأنه يريد أن يكلّم والدي، ولكنه يريد أن يخبرني بمشكلة أخرى عنده، فإذا كنت موافقةً فسيكلّم والدي، ويقابله، وأنه سيبلغه بالمشكلة هذه، وهي أن لديه مشكلة في الإنجاب والخلفة، ولكن هذه المشكلة لها علاج، وهذه المشكلة أن هرمونات الأنوثة عنده أعلى من الذكورة، ووالدته دكتورة، وأنها اكتشفت ذلك عندما كان صغيرًا، وكانت تعطيه علاجًا لهذه المشكلة، والعلاج هذا سيكون مستمرًا، لكنه أوقفه؛ لأنه يرفع الرغبة عنده، ولا يريد أن يلجأ للحرام، وقال إنه سيرجع له عندما يكتب الله له الزواج.

أبلغته بأنني سأستخير وأرد عليه، ومنذ ذلك الوقت لم يرسل أي شيء، ولم يتكلم في أي شيء، وأنا لم أتكلم معه، وانقطعت الأخبار، واختفى منذ 5 أشهر، ولكنه رجع منذ يومين، وقال بأنه رجع للعلاج، واختفى لأني لم أرد عليه، ورجع يكلمني؛ لأن لديه الرغبة في أن يتقدّم لي، فهل أقبل به؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شروق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

ما كنا نود أن تتنازلي عن موقفك الثابت من الحديث إلى شابٍ إلَّا تحت مظلة شرعية؛ لأن هذه المحادثات مداخل الشيطان فيها كثيرة ومتنوعة، وعاطفة المرأة بعد الحديث إلى شاب تغلب عقلها، وقد تتنازل عن أشياء ضرورية لمجرد الرغبة في الزواج ممَّن تحدثت معه، والغريب أن الدافع عند بعض المتدينات ليست القناعة بهذا الخاطب، ولكن في الأغلب شفقةً على الخاطب، وليست قناعةً به، وهذا مكمن الخطر.

والنبي (ﷺ) وضع قواعد صلبة للاستقرار الأسري قائم على أمرين: (الدين والخلق)، ونحن لا نعرف على وجه الحقيقة صدق الخاطب من عدمه، ولا تدينه من غير تدينه، وفوق ذلك هذه المشكلة المستجدة، والتي تستوجب -إن وافقتم عليه- أن تتأكدوا منها، ثم تقررون، ولكن نوصيك بما يلي:

1- الحديث مع والدك، وحثه على السؤال عن الخاطب، والتأكد من تدينه وأخلاقه عن قرب؛ بأن يسأل جيرانه، وأصحابه، والمحيطين به.
2- بعد التأكد من تدين الشاب، والموافقة عليه -من حيث الشكل والمضمون-، لا بد من الذهاب إلى مشفى صحي للتأكد من وضعه العام، وهل عنده ما يمنع الحياة الزوجية بصورة طبيعية أم لا.
3- الاستخارة قبل الموافقة أو الرفض، وما بعد الاستخارة هو الخير لا محالة.

أختنا الكريمة: الزواج ليس جمعيةً خيريةً يتبرع فيها طرف لإنقاذ آخر، بل حياة يشترك فيها الطرفان؛ لذا نود منك تنحيةَ العواطف، وتحكيم الشرع والعقل، واستشارة الأهل، والأخذ بكلامهم، فإن استقروا على رأي فيجب الأخذ به، سواءً خالف هواك أو وافقه.

وأخيرًا: الرجل أجنبي، ولا يحل لك التواصل معه، لذا نرجو منك عدم التواصل، وجعل الأمر لأبويك حتى تستقروا على قرار موحد.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات