الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب فتاة وغير مستعد للزواج بها، فماذا أفعل لأحافظ عليها؟

السؤال

السلام عليكم

هنالك بنت أحبها، ولا أريد تركها، ولا أعلم إن بقيت معها هل الله سبحانه وتعالى سيجعلنا لبعضنا أم لا؟ أحاول أن أبقي الكلام طبيعياً، وأنا نيتي الزواج منها.

لا أريد أن أتلاعب بها، ماذا أفعل؟ هل يوجد حل يمكنني أن أستمر معها، ولا أتركها؟ أنا فقط أريد أن يجعلنا الله لبعضنا البعض، ولا أريد فراقها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن ييسّر لك أسباب العفّة، ويرزقك الزوجة الصالحة، وييسّر لك الزواج.

نحن نشكر لك أوَّلًا حرصك على تجنُّب الوقوع في الحرام، وخوفك من غضب الله تعالى والوقوع في مساخطه، ونؤكد -أيها الحبيب- أنك باستمرارك على هذه التقوى، وخوفك من الجليل سبحانه وتعالى؛ فإنك بذلك تتسبّب في تيسير أمورك، فإن الله تعالى وعد ووعده لا يتخلَّف؛ فقال: ‌(وَمَنْ ‌يَتَّقِ ‌اللَّهَ ‌يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)، وقال: (وَمَنْ ‌يَتَّقِ ‌اللَّهَ ‌يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً).

بخصوص الزواج -وللشباب على وجه الأخص- يقول الله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ ‌الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)، ففي هذه الآية إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى سييسّر للشاب المتعفِّف أسباب الغنى، فسيُغنيك الله بما يتيسّر معه الزواج.

دُمْ على ما أنت عليه من أسباب العفَّة، فابتعد عن كلِّ ما يُثير الشهوة، واحذر من خطوات الشيطان، فإن فتنة الرجل بالمرأة هي أعظم الفتن، والوسيلة للإغواء بالمرأة هي أعظم الوسائل التي يعتمد عليها الشيطان، وقد جاء هذا المعنى مكرّرًا في كلام الله تعالى وكلام الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ‌وَمَنْ ‌يَتَّبِعْ ‌خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ).

الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (مَا ‌تَرَكْتُ ‌بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ)، وحتى لا يقع الشاب والشابّة في هذه الفتنة فإن الله تعالى شرع آدابًا وسَنَّ أحكامًا يلتزم بها كل واحدٍ منهما، فإذا التزمنا بها أَمِنا -بإذن الله تعالى- من الوقوع في شَرِّ هذه الفتنة.

من هذه الأحكام تجنُّب المحادثة بين الشاب والشّابة، فإن الكلام يجرُّ إلى ما ورائه، ومن ذلك تحريم نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية، ومن ذلك تحريم الخلوة بينهما، وأولى تحريم المسِّ، فكلُّ هذه التشريعات المقصود بها حفظ الشاب والشابة، حفظ الرجل والمرأة، فإن شرع الله تعالى كلُّه لجلب المصالح للناس ودفع المفاسد عنهم، واعلم أن شرع الله تعالى يحفظك ويحميك.

والمحافظة على البقاء مع هذه الفتاة في علاقة لا طريق له إلَّا العقد الشرعي (عقد النكاح)، فإذا كان هذا بإمكانك فبادِرْ إليه، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، ‌مَنِ ‌اسْتَطَاعَ ‌مِنْكُمُ ‌الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ).

إذا لم تكن قادرًا على هذا فإن أفضل الحلول لك هو نسيان هذه الفتاة، وأن تُحاول صرف قلبك عن مزيد التعلُّق بها، فهذا هو دواؤك، والدواء وإن كان مُرًّا لكن عاقبتُه حسنة، فخيرُ أمرٍ تفعله مع نفسك هو أن تقطع التواصل بهذه الفتاة، فإذا حان الوقت الذي تستطيع به الزواج؛ فإن كانتْ خليّة بغير زوجٍ، وكان الله تعالى قد قدّر أن تتزوجها، فتقدّم لها، وسيُقدّر الله تعالى لك ما يعلمه خيرًا لك.

وإن كان الأمر بخلاف ذلك فاعلم أن الله تعالى صرفها عنك لحكمة، فإنك قد تتمنّى الشيء وتحرص عليه والله تعالى يعلم أن الخير في غيره فيصرفه عنك، ولذلك قال الله لنا في كتابه الكريم: (وَعَسى ‌أَنْ ‌تَكْرَهُوا ‌شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).

اعلم أن هذا النسيان لهذه الفتاة أوّلُه قطع التواصل بها، وقطع كل ما يُذكِّرُك بها، وأن تُذكّر نفسك دائمًا بأن الشيء الذي لا طريق لك للوصول إليه لا حاجةَ لك بأن تُعنّيَ قلبك وتُتعبه بالتعلُّقِ به، والنفس إذا يئستْ من الشيءٍ نَسَتْهُ.

نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الخير، وأن يُقدّر لك ما فيه خيرٌ لك وصلاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً