الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي طلبت الطلاق بلا أي سبب، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا متزوج منذ 7 سنوات، وحياتنا بشكل عام مستقرة، تُوجد بعض المشاكل لكنها طبيعية، مثل غيرتي الزائدة على زوجتي في بعض الأحيان، وكذلك بعض الصعوبات المادية التي نتجاوزها.

سافرت منذ سنة ونصف بسبب الظروف المادية الصعبة، ومنذ شهرين ونصف طلبت زوجتي الطلاق فجأة دون مقدمات. بعد ذلك ذكرت لي أسباباً مثل غيرتي، وأنانيتي، وقلة المصاريف، وأنها لم تعد تحبني ولا ترغب في البقاء معي.

لقد تزوجنا عن حب، وطوال السنوات السبع الماضية لم يظهر منها ما يُشير إلى عدم حبها لي، حتى قبل طلب الطلاق بيوم واحد.

ظننت أنها قد تكون مسحورة، لكنها نفت ذلك وأكدت أنها طبيعية، ورفضت الذهاب إلى أي شيخ للقراءة عليها، بل واتهمت الشيوخ بالسحر.

الآن هي هادئة قليلاً بشأن الطلاق، لكن طريقة كلامها سيئة، وترفض أي تواصل معي، ولا تريد سماع صوتي أو رؤيتي، رغم أننا كنا نتحدث عبر الفيديو يوميًا قبل ذلك.

هي أيضاً منتقبة ومصلية، ولا أعرف سبب هذا التغير المفاجئ، لدينا طفلان، وأنا ما زلت أريدها، لكنني لا أعرف ماذا أفعل.

شكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الحرص على استقرار حياتك الزوجية واستمرارها، ونسأل الله أن يجلب لكما الخير، وأن يُلهمكما السداد والرشاد، وأن يُؤلّف بين القلوب، وأن يُصلح ذات بينكما، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

لا شك أن بين الزوجين مِيثاقاً غليظاً، واقتضت حكمة الحكيم أن يكون مِعيار ومقياس الحياة الزوجية ومفاتيحها والحل والربط فيها بيد الرجل، لكونه الأعقل والأحكم، ولأنه ينظر إلى عواقب الأمور ومآلاتها، ولذلك أرجو ألَّا تستجيب لرغبتها في الطلاق، بل عليك أن تجتهد في البحث عن أسباب تغيُّرها ونفورها، ونسأل الله أن يُعينكما على الخير.

كما أرجو أن تحرص دائمًا على أن تُقصّر مُدة البُعد عنها، وإذا كان هناك ظرفٌ يضطرك إلى أن تكون بعيدًا عنها فينبغي أن يسبق ذلك حوار وتفاهم، والحياة الزوجية تحتاج إلى تضحيات، فقد يُسافر الرجل بعيدًا عن أهله من أجل أن يُحسِّن ظروف حياتهما المادية، ولا شك أن الزوجة تُعاني في هذه الحالة، ولكن المعاناة لا بد أن تكون عن قناعة، أن هناك هدفاً مشتركاً يسعى كل طرفٍ (الزوج والزوجة) إلى تحقيقه.

والشريعة لم تضع هذا الأمر -أمر الطلاق- بيد الرجل إلَّا لأنه الذي يتخذ القرارات، بعد أن يعود إلى الشرع، وبعد أن يُحكّم العقل، وليس العاطفة، لأن المرأة عاطفية، تغضب بسرعة، وترضى بسرعة، ولا يمكن للحياة الزوجية أن تُؤسَّس على هذا.

وعليه نحن ندعوك إلى تذكيرها بإيجابياتها وتذكيرها بأطفالها، والإحسان إليها، وتجنُّب ما يُؤذيها، ومطالبتها بذكر الأسباب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكما على الخير.

ولا شك أن المحافظة على الأذكار، وقراءة الرقية الشرعية على نفسها، أو الذهاب إلى راق شرعي؛ من الأمور المهمّة، وليس لها ولغيرها رفض الرقية الشرعية؛ لأن الرقية دعاء، لكن لا مانع من أن تقرأ على نفسها، أو أن تقرأ أنت عليها بعد أن تعود أو تكون عندها، ولا مانع أيضًا من الذهاب إلى راق شرعي يُراعي الضوابط الشرعية والقواعد المرعية في تنفيذ الرقية الشرعية، ونسأل الله أن يُعينكما على الخير.

ونكرر دعوتنا لك بأهمية الصبر، وعدم الاستعجال في الاستجابة لطلبها، مع أهمية تحسين الظروف المادية، وإرسال الهدايا لها، وإسماعها الكلام اللطيف، فإذا كان الظرف لا يسمح، فالأمر كما قال الشاعر:
لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ *** فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ

فأسمعها الكلام الطيب، وذكرها بما فيها من إيجابيات، ونسأل الله أن يُؤلِّف القلوب، وأن يغفر الزلَّات والذنوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً