السؤال
تعاني زوجتي من مس الأرحام، ويحدث لها تشنجات ونفور أثناء العلاقة، عالجناها عدة مرات عند الرقاة، لكن دون فائدة، وهذا الشيء يمنع الحمل، فما الحل؟
تعاني زوجتي من مس الأرحام، ويحدث لها تشنجات ونفور أثناء العلاقة، عالجناها عدة مرات عند الرقاة، لكن دون فائدة، وهذا الشيء يمنع الحمل، فما الحل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يصلح حال زوجتك، إنه جواد كريم.
الركض بسرعة هائلة ولمدة طويلة في الاتجاه الخاطئ يبعدك عن هدفك بنفس مقدار سرعتك، لذا أول ما ينبغي عليك فعله هو معرفة الطريق الصحيح والهدف الصحيح للركض إليه، ولذلك -أخي الكريم- نوصيك بما يلي:
أولًا: الذهاب إلى طبيبة مختصة بالنساء، لمعرفة تأخر الحمل، هل له تفسير طبي أم لا؟ فإن كان ثمة تفسير طبي أو عارض فاعمد -أخي- إلى علاجه، فهذا أول الطريق الصحيح، أمَّا لو أخبروك بأن التحاليل لها ولك سليمة، وليس هناك أي مانع من الإنجاب حينها تنتقل إلى الطريقة الأخرى.
ثانيًا: يجب أن نؤمن ابتداء أنه لن يقع في ملك الله إلا ما أراده الله عز وجل، وأن كل شيء عند الله بتقدير، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، والمؤمن يعتقد ذلك، ويؤمن به في إطار قول الله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
لذا: أول ما نوصيك به أن تجمع قلبك على دينك، وأن تثق بأن الأمور بيد الله عز وجل، وأن الله قادر على كل شيء، فاجعل الاحتماء بالله والتضرع إليه نصب عينيك.
ثالثًا: العين والسحر والجن، كل ذلك حق، ولهم تأثير عام، ويقع بإذن الله تعالى، وقد دل على ذلك القرآن والسنة، فمن القرآن ما قاله الله على لسان يعقوب عليه السلام: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ)، والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم: خوفاً عليهم من العين، وكذلك قول الله: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ}.
أمَّا السنة فما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا). [رواه مسلم].
رابعًا: علاج الجن أمره هين، فلا تقلق ولا تستعظم ما ألم بك، بل عليك الهدوء ومن ثم القيام بما ورد في الكتاب والسنة، والمحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية مع الإيمان والتصديق واليقين بالله عز وجل، واعلم أن الاضطراب النفسي أحد أسباب تأخر الحمل في الظروف الطبيعية.
لذا عليك العلاج والإيمان بالقضاء والقدر أنت وزوجتك، وأن تخبرها أن تأخير الإنجاب لا ينفك عن حكمة يعلمها الله، وأن الله قد يمنعنا أعواماً ويرزقنا بعدها بلا سبب، وقد رأينا ذلك بأعيننا -أخي الكريم-، رأينا من يجلس السنوات الطوال ثم يرزق الأولاد من غير ترتيب منه، فالأمور مقدرة، والإيمان بالله مؤنس للقلب وجالب للأجر.
خامسًا: ليس هناك علاج لما تفضلت به إلا الرقى، وهي ثابتة بالكتاب والسنة، فقد ورد عن النبي ﷺ الاسترقاء بـ {قل هو الله أحد}، و{قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}، وقال: (لم يتعوذ الناس بمثلهن) [رواه مسلم]. وكان النبي ﷺ إذ اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين ونفث. متفق عليه. والنفث: النفخ.
لقد تعوذ النبي ﷺ بالمعوذتين لما سحره اليهود، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لمن رقى بالفاتحة "وما يدريك أنها رقية" رواه البخاري. وعليه فالرقية الشرعية من الكتاب والسنة هي النافعة -بإذن الله-.
نحن ننصحك بما يلي:
أ- الرقية بهذا السور والآيات لكل البيت:
1. سورة الفاتحة.
2- آية الكرسي.
3- آيتان في نهاية سورة البقرة.
4- المعوذتان، سورة الفلق، وسورة الناس.
5- سورة الإخلاص.
ب ـ قراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت، فإن لم تقدر فعلى الأقل سماعها، فالمهم أن يكون ذلك كل ليلة ولا بد من الصبر والاستمرار.
ج ـ المحافظة على الأذكار والأوراد الثابتة عن رسول الله ﷺ، ويمكنك الاستعانة بكتاب (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة).
د ـ الرقية على الماء وصبها عليها فهي نافعة -بإذن الله تعالى-، فقد ذكر ابن القيم أثراً في ذلك عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم قال بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور، والآيات هي قوله تعالى: (فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين) [يونس81 ]. وقوله: (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون) [الأعراف 118إلى120]. وقوله: (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) [طه69].
وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- حين سأل عن ذلك: ثبت في سنن أبي داود أن النبي ﷺ قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء وصبه على المريض ليس محظوراً من جهة الشرع إذا كانت القراءة سليمة.
سادساً: إن استطعت أن تذهب إلى مكة أنت وزوجتك لأداء العمرة، فإننا ننصحك بالذهاب إليها خاصة في فترة التخصيب، مع شرب ماء زمزم بنية الشفاء فإنه نافع -بعون الله-.
سابعاً: نريد منك بالتوازي مع ما مضى الرضا بالقدر، وأن تقوم وزوجتك وتصليا لله ركعات في جوف الليل، وأن تدعوا الله الكريم أن يرزقكما الولد، وأكثرا من قول: {رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين} فإن الدعاء في جوف الليل مظنة إجابة.
إن الرضا بالقضاء والقدر والإيمان بأن الله أعلم بما يصلح للعبد، والتسليم له سبحانه؛ هو المعين الحقيقي على تجاوز الأمر والقلق منه، والمسلم أمره كله له خير، كما قال النبي ﷺ: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له)، فلا تطلب ما أحل الله بما حرم الله، ولا تستمع إلى كلام البعض بالذهاب إلى العرافين أو الدجالين، فقط الزم الرقية الشرعية مع ما ذكرنا لك، وأكثر من الدعاء، واصبر حتى يأتي الله بالفرج.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يرزقك الأولاد إنه جواد كريم، والله الموفق.