الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من سحرٍ مأكول أشك أنه من صُنع أهل بيتي!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب جامعي، وأعاني من سحرٍ قديم مأكول، وأشكّ في أنه من صُنع أهل بيتي، لا آكل ولا أشرب إلَّا عند أهلي، ولا ملجأ لي سواهم، فكيف يمكنني الوقاية من السحر الذي يكون في الطعام؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يشفيك شفاءً لا يغادر سقمًا، وأن يحفظك من كل أذى، ويؤيّدك بنصره وعافيته، ويشرح صدرك ويزيل همّك.

ما ذكرته من كونك طالبًا، وأنك لا تزال تأكل وتشرب عند أهلك، مع ظنّك بأنك مصاب بسحر مأكول قديم، وأن الشك يتوجه إلى أهل البيت، هو أمر شاقّ على النفس، ويستدعي عناية خاصة من الناحيتين الشرعية والنفسية.

من حيث المبدأ، فإن السحر قد يقع من القريب، وهذا أمر ممكن، لكنه لا يبرر الجزم باتهام أحد دون بيّنة واضحة، فالله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوا ٱجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ﴾.

فالواجب أن لا تتهم أحدًا لا بالنية ولا بالفعل، حتى وإن تكرر في نفسك الشك؛ فإنما يُعالَج ذلك بالرقية والتحصين، لا بسوء الظن ولا بالعداوة.

وللوقاية من تكرار الأذى: ننصحك بالتحصن الدائم، وخصوصًا عند تناول الطعام والشراب، فقل: "بسم الله"، فإن التسمية تمنع مشاركة الشيطان، وتُبعد الأذى بإذن الله، وإن استطعت أن تقرأ في نفسك على الطعام بعض آيات التحصين مثل الفاتحة، وآية الكرسي، والمعوذتين، فافعل.

واحرص على أذكار الصباح والمساء يوميًا، واجعل لك وردًا ثابتًا من سورة البقرة قراءة أو استماعًا، وأكثر من قول: "حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم" سبع مرات صباحًا ومساءً، وأكثر من الصلاة على النبي ﷺ، ففيها فرج وبركة وطمأنينة.

ومن الناحية العلاجية، يمكنك استعمال الماء المقروء عليه الرقية الشرعية للاغتسال؛ فهو نافع بإذن الله، ويُنصح أحيانًا باستخدام نبات السنامكي مرة أسبوعيًا، مع الماء المقروء عليه، كعلاج للسحر المأكول، إلى جانب دهن الجسد بزيت زيتون قُرئت عليه آيات الرقية، خاصة قبل النوم، وتناول ماء زمزم (إن وُجد) ممزوجًا بعسل طبيعي ورقية شرعية.

أما عن سؤالك: هل يجوز لك أن تبتعد عن الأكل مع أهلك؟ فطالما لا يوجد يقين أو اعتراف أو دليل شرعي واضح، فلا يجوز قطع صلة الرحم، ولا الابتعاد عنهم، ولا يجوز اتهام أحد دون بيّنة، لكن لا بأس أن تقرأ على طعامك سرًا دون أن يشعر أحد، وأن تزيد في تحصينك دون أن تثير الريبة، مع الاستمرار في المعاملة الحسنة والبرّ.

وإذا شعرت بأن الأعراض لا تزول رغم المداومة على الذكر والرقية، أو شعرت بخمول دائم، أو صدود عن العبادة، أو أحلام مزعجة متكررة (مثل الأفاعي، أو المطاردة، أو الأكل في المنام)، أو ضيق في الصدر بلا سبب ظاهر؛ فحينها يُستحب أن تعرض نفسك على راقٍ شرعي موثوق، معروف بتوحيده وابتعاده عن الدجل والشعوذة، ليدلك على ما يعينك.

وفي الختام، ندعو الله لك بصدق:
اللهم إن عبدك هذا قد لجأ إليك، فكن له نعم النصير والمعين، وإن كان به سحر فأبطلْه بقدرتك، واشفِه بشفائك، وعافِه بعافيتك، واصرف عنه كيد الكائدين، وحسد الحاسدين، وظلم الظالمين، اللهم اجعل له من كل همّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، وبارك له في بدنه، وروحه، وأهله، وماله، ودراسته.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً