الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يحترم مشاعري ولا يقدرني، فكيف أتصرف معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من تصرفات زوجي في بعض الأمور، وهذا الأمر كسرني من الداخل، مثل: تعليقاته السلبية على الطعام، أو أي جهد أبذله في المنزل لا يقدر هو عليه، أتمنى أن أسمع منه كلمة طيبة فقط، وأنا على هذا الحال منذ ثلاث سنوات، وحينما تحدثت معه وأخبرته بأن ذلك يحزنني، قال: لن أتصرف هكذا مرة أخرى، ولكنه يكرر نفس الموقف.

حينما أرسل له رسائل طويلة عريضة حول ما يحزنني، أو أكتب له قصة حزينة له فقط على الواتساب، يأخذ كلامي على سبيل المزاح ويضحك، ولا يرد، وأحيانًا يتعامل وكأني لم أقل شيئًا أبدًا، وأحيانًا يقول: هذا بسبب الهرمونات، وستختفي لوحدها، ويضحك.

عندما أتخذ موقفاً وأتجنبه، يأتي إلي ويتكلم ويضحك، وربما يطلبني للفراش، لكنه لا يتحدث معي عما أعانيه، لا يعتبر ما قلته شيئاً، كيف أعالج هذا التبلد منه؟ وكيف يقابل كلامي الجاد شديد الانكسار بهذا المزاح؟! حتى لو وصلت إلى قمة غضبي وقلت له: طلقني، يضحك، ويقول لي: أتحبين أن تطلقي؟ ويحول الموضوع لهزل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نتفهم مدى الألم والإحباط الذي تشعرين به بسبب تصرفات زوجك، ومن الصعب جدًا أن تشعري بالتجاهل أو التقليل من شأن مشاعرك عندما تبذلين كل هذا الجهد، فما تواجهينه ليس بالأمر الهين، ويحتاج إلى معالجة بحكمة وحنكة، وإذا أردنا أن نحلل الموقف الذي يحصل معك، فسيكون كالتالي:

1- زوجك يلجأ إلى التقليل من مشاعرك، وذلك عندما يتجاهل مشاعرك أو يتعامل معها بمزاح، فهذا قد يعكس عدم وعيه بأهمية تلك المشاعر، أو عدم إدراكه لمدى تأثير تصرفاته عليك.

2- أيضاً يقوم بتجاهل مطالبك، حيث يبدو بأن زوجك غير قادر على معالجة الأمور بجدية، وهذا قد يعود إلى نقص في التواصل الفعال بينكما.

3- كذلك هو يحاول تجنب المواجهة، قد يكون زوجك يتهرب من مواجهة المشكلة الحقيقية، بإلقاء اللوم على الهرمونات، أو تحويل الموضوع إلى مزاح، مما يزيد من شعورك بالإحباط.

خطوات مقترحة للعلاج:

1- حاولي أن تختاري وقتًا مناسبًا تكون فيه الأجواء هادئة ومريحة للتحدث معه بصدق، استخدمي عبارات تبدأ بـ "أشعر" بدلاً من "أنت"، لتجنب إلقاء اللوم المباشر، على سبيل المثال: أشعر بالحزن عندما تُقلل من مجهودي، وأتمنى أن نتحدث بجدية عن هذا الموضوع.

2- قد يكون من الصعب عليه التغيير الفوري، لذا حاولي أن تكوني صبورة، وتابعي معه بمرور الوقت، وقد تحتاجين إلى تكرار مشاعرك بهدوء أكثر من مرة، حتى يتمكن من فهم مدى تأثير تصرفاته عليك.

3- إذا لم يحدث تحسن بعد محاولاتك، فقد يكون من المفيد الاستعانة بمستشار أسري، أو مرشد ديني، يمكنه تقديم النصيحة والمساعدة في تحسين العلاقة بينكما.

4- اللجوء إلى القرآن والسنة، واستخدام بعض النصوص التي تحث على حسن التعامل مع الزوجة وإكرامها، حاولي أن تذكريه بها برفق، مثل قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "خياركم خياركم لنسائهم"، يمكن أن تساعد هذه النصوص في تذكيره بأهمية احترام مشاعرك، ويمكن أن يكون هذا التذكير عن طريق رسالة جوال كما تفعلين حاليًا.

5- إلى جانب العمل على تحسين العلاقة، لا تنسي أهمية الاهتمام بنفسك وصحتك النفسية، قد يساعدك ممارسة الهوايات، أو الاهتمام بنشاطات تجلب لك السعادة، وتخفف من التوتر.

6- يمكنك استخدام بعض مهارات العواطف، ومهارات إدارة الانفعالات، فعلى سبيل المثال: يمكنك استخدام عجلة المشاعر -موجودة على النت-، عجلة المشاعر هي أداة تساعدك على تحديد وفهم مشاعرك بشكل أكثر دقة، غالبًا ما نكون غاضبين أو محبطين، ولكن وراء هذه المشاعر قد تكون هناك مشاعر أخرى غير محددة بوضوح.

كيف تستخدمين عجلة المشاعر؟
- الخطوة الأولى: عندما تشعرين بالغضب أو الحزن بسبب تصرفات زوجك، اجلسي بمفردك، وابحثي عن مشاعرك الأساسية باستخدام عجلة المشاعر.
- الخطوة الثانية: اسألي نفسك: ما الذي أشعر به فعلاً؟ قد تكونين غاضبة، لكن يمكن أن يكون تحت الغضب شعور بالخذلان، أو الشعور بعدم التقدير.
- الخطوة الثالثة: بمجرد تحديد المشاعر الأساسية، حاولي أن تفهمي كيف تؤثر هذه المشاعر على سلوكك وتواصلك مع زوجك.

المهارة الثانية: هي مهارات إدارة الانفعالات، وهي مهارة تتعلق بالتحكم في كيفية استجابتك لمشاعرك، إليك بعض المهارات التي يمكن أن تساعدك:
- عندما تشعرين بالغضب أو الإحباط، خذي نفسًا عميقًا، واحتفظي به لثوانٍ قليلة، ثم خذي زفيراً ببطء، هذا التمرين يمكن أن يساعد في تهدئة جسمك وعقلك.
- تحدثي عن المشاعر بصراحة، فعندما تتحدثين مع زوجك، عبّري عن مشاعرك بصدق دون اتهام، مثلاً: بدلاً من قول: أنت دائمًا تجرحني، قولي: أشعر بالحزن عندما تقول هذا، لأنني بذلت جهدي وأتمنى أن تشعرني بتقديرك.

- استخدمي رسائل قصيرة وواضحة عند التعبير عن مشاعرك، يمكن أن يساعد ذلك في تجنب سوء التفاهم، على سبيل المثال: أشعر بالحزن عندما تقلل من طعامي، أتمنى أن تخبرني بما يعجبك بدلاً من ذلك.
- خصصي وقتًا كل يوم للتفكر في مشاعرك ومراجعة كيفية إدارتها، هذا يمكن أن يساعدك في التفاعل بشكل أكثر هدوءًا وفعالية مع زوجك.

- يمكنك أيضًا مشاركة عجلة المشاعر مع زوجك، وتعليمه كيفية استخدامها، مما قد يساعدكما في بناء لغة مشتركة لفهم مشاعر بعضكما البعض بشكل أفضل.

من المهم أن تتذكري أن التغيير يحتاج إلى وقت، وربما يحتاج زوجك إلى توجيه مستمر؛ ليدرك تأثير تصرفاته عليك، وبالصبر والتواصل الفعّال، يمكن لكما بناء علاقة أكثر احترامًا وتفهمًا، وإذا استمر الوضع دون تحسن، قد يكون من الضروري التفكير في حلول أخرى تناسب حالتكما.

يسر الله أمركما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً