الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحرص على بر والدي لكني أرفع عليه صوتي دون قصد، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أجاهد نفسي لبر أمي وأبي، وفعلًا -الحمد لله- أفعل ذلك، ولكن لدي مشكلة، وهي: أني أقع في العقوق نسيانًا مني، فمثلًا: أرفع صوتي ثم أتذكر أن ذلك غير لائق، فأتوقف عن ذلك، وأندم على ما فعلت.

أرغب في تغيير هذا الشيء، ولكني أفعله يوميًا، وفي الوقت نفسه أقوم بأعمال البر حتى يئست من نفسي، خاصة عندما أتذكر أن العاق لوالديه يعد ملعونًا!

فأرجو الرد: كيف يمكنني التخلص من ذلك، أو بالأحرى: كيف أراقب نفسي وكلامي وصوتي، خاصةً أثناء المناقشات؟

أرجو الرد، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لطيفة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية: أطمئنكِ أن مجرد شعورك بالندم، ورغبتك في تحسين علاقتك مع والديك هو دليل على حسن نيتك، وصدق رغبتك في البر بهما، هذا الشعور بالندم هو خطوة مهمة نحو التغيير والتحسن، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: (الندم توبة).

وإليكِ بعض النصائح التي قد تساعدكِ في التغلب على هذه المشكلة:

أولًا: الاستغفار والتوبة بشكل دائم، استغفري الله فورًا بعد أي تصرف تشعرين أنه عقوق؛ فالتوبة الصادقة، والندم يعتبر بداية التغيير، وتحويل هذا الفعل إلى شيء سلبي في النفس لتسعي في التخلص منه.

ثانيًا: التذكر والوعي، فقبل الدخول في أي نقاش مع والديكِ، خذي لحظة لتذكري نفسك بأهمية بر الوالدين، حاولي أن تثقفي نفسك بحكم العقوق، وعقوبة العاق، وإثم رفع الصوت على الوالدين، أيضًا تذكري آيات وأحاديث بر الوالدين؛ لتذكري نفسك بأهمية التحكم في صوتك وكلماتك، هذا الأمر يصنع حاجزًا من الخوف يزداد مع الوقت عند الاقتراب من أي موقف فيه نوع من العقوق.

ثالثًا: الابتعاد عن الجدال، إذا شعرتِ أن النقاش قد يتحول إلى جدال، حاولي أن تتجنبي الجدال، وأن تخرجي من الموقف بطريقة مهذبة؛ يمكن أن تقولي مثلًا: أحتاج إلى بعض الوقت للتفكير، لدي عمل أهم.

رابعًا: الصبر، فالتغيير يحتاج إلى وقت، ولا يوجد شخص كامل، كوني صبورة مع نفسكِ، واستمرّي في محاولة التحسن يومًا بعد يوم.

خامسًا: الاعتراف بالخطأ والاعتذار، إذا شعرتِ أنكِ رفعتِ صوتكِ دون قصد، اعتذري لوالديكِ فورًا، فاعترافك بالخطأ، والاعتذار يساعد في تخفيف أي شعور سلبي قد يكون نشأ لديك.

أخيرًا: الإكثار من الدعاء لله أن يعينك على بر والديك، وأن يوفقك للتحكم في نفسك وصوتك، فالدعاء باب عظيم من أبواب التوفيق، والثبات على الطريق الصحيح يأتي بالتدرج، ومع الاستمرار في المحاولة، ستجدين نفسك تتحسنين بمرور الوقت، المهم أن تستمري في جهاد نفسك، وعدم اليأس.

وتذكري أن الله يعلم ما في القلوب، ومطلع على ما في السرائر، إن كان هذا الفعل خطأ ومن باب النسيان، قال تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين}، وفي الحديث: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه) رواه ابن ماجة والبيهقي.

وفقك الله، ويسر أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً