الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبت ولكني لم أستطع التوقف من جميع ذنوبي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله، ربي هداني للتوبة بعد ذنوبٍ كثيرة، ولا يزال لدي الكثير من المعاصي، أريد تركها، لكنني لا أستطيع!

دائماً أشعر بأني إن تركتها لن يكون لدي شيء أفعله بيومي، وسأكون طوال الوقت متفرغة، وليس لديّ ما أفعله، حاولت مراراً وتكراراً، لكن لا فائدة، حتى إني سجلت في حلقات ومراكز قرآنية كي أشغل وقتي عن المعاصي، ولم يحدث فرق، وأحاول دائماً إشغال نفسي بالعبادات وطاعة الله، وقراءة كتابه الكريم لكن دون جدوى.

هل يمكنكم -جزاكم الله خيراً- إعطائي نصيحة بما يجب فعله؟ كيف أقضي يومي بعيداً عن الذنوب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب.

في البداية نسأل الله أن يتقبل توبتك، ويعينك على الثبات وسلوك طريق الخير، وأن يوفقك الله للتوبة من بقية الذنوب والمعاصي.

أختي الفاضلة، ينبغي أن تعلمي أن الإنسان بشر تقع منه الذنوب، لكن التقي الصالح يبادر إلى التوبة، ولا يستسلم لنزوات الشيطان ويتمادى في الغي، فالله يقول: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم خطأ، وخير الخطائين التوابون) أخرجه الترمذي.

لذلك -أختي- السلامة من كل الذنوب غير ممكنة، والاستسلام للوقوع في الذنوب عجز وتفريط، والمؤمن يجتهد في تجنب المعاصي، وكل ما يؤدي إليها أو يقرب منها، ويجتهد في تنقية قلبه بالطاعات والقربات، والاستغفار الدائم، فإن زلّت نفسه يوماً بادر إلى التوبة دون تأخير، أو إصرار، ورضا في البقاء على الذنب، كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

أختي الفاضلة: لا يستقيم حال التائب الذي يُبقي بعض الذنوب عمداً؛ بحجة الفراغ بعد التوبة منها! فليس هذا من كمال التوبة، بل هذا من تزيين الشيطان، ولأن تكوني متفرغة بدون أي عمل خير لك من الانشغال بمعصية، فبادري إلى التوبة النصوح من هذا الظن، ولا تضعفي أمام وساوس الشيطان وخداعه.

لذلك نرشدك -أختي- إلى ما يعينك على ترك المعاصي، والابتعاد عنها، ونسأل الله أن يوفقك لتطبيقها:
أولاً: ترك كل ما يذكرك ويرغبك في المعصية، وهذا الأمر في غاية الأهمية، فالإنسان ضعيف وإذا كانت وسائل المعصية قريبة وسهلة الوصول اشتد ضعفه أمامها.

لذلك عليك بترك كل ما يذكرك بالمعصية، سواء من وسائل مثل مواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية، والمسلسلات أو صديقات السوء، أو أماكن كالأسواق وغيرها.

ثانياً: ضعي لنفسك جدولاً يستغرق كل وقتك بكل مفيد ونافع، واحرصي أن تبادري إلى الأنشطة التي تشعرك بالسعادة والاطمئنان، مثل حلقات القرآن، ومجالس العلم والمحاضرات، وأيضاً الفعاليات مثل الدورات والأنشطة النسائية التطوعية التي تساعدك بشغل وقتك وبناء نفسك.

ثالثاً: تجنبي الوحدة والإكثار من الأكل، وعليك بالحركة وممارسة الرياضة، بما يناسبك وفق الضوابط الشرعية، فهذا له دور في التقليل من التوتر، والشعور بالاستقرار النفسي.

رابعاً: كوِّني لك رفقه صالحة، وابحثي عن من يشاركك الأنشطة المحببة إلى نفسك، سيساعدك ذلك في الخروج من روتين الوحدة والعزلة.

خامساً: الدعاء بحضور قلب، وتلاوة القرآن بتدبر، وذكر الله بخشوع مهم جداً؛ لأن العبادات إذا فُعلت دون حضور القلب تحولت إلى عادات لا تؤثر في القلب، فدور العبادات أنها تحقق التقوى، فتحجزك عن المعاصي والذنوب، فإذا تم تأدية العبادات كحركات لا روح فيها، ولا خشوع، ولا خضوع، لم تحرك القلب ولم تمنعه من المعاصي.

أختي الفاضلة: ينبغي أن يكون لك إرادة، وينبغي أن تجتهدي في بذل الوسع والطاقة في تجنب المعاصي، خصوصاً أنك في مجتمعات غربية، يكثر فيها الفساد، والتوبة لا أعوان فيها، فعليك بحفظ قلبك من كل تلك الذنوب الصغيرة، فالتهاون في الصغائر يهون الوقوع في الكبائر.

وفقك الله ويسر أمرك إلى خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً