الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالذنب والحزن بسبب عدم اعتنائي بأبي قبل وفاته!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ 9 أشهر توفي والدي، وأنا أفكر كثيرًا في الأمر وألوم نفسي، حيث كنت أعتني به في البيت وأطعمه، وعندما كنت أجلسه أو أرفعه، قالت لي والدتي ذات مرة: إنك ترمين أباك بهذا الشكل وهو عاجز. وهذه الطريقة الوحيدة التي أعرفها، الآن تتوارد إلي أفكار سيئة، وأشعر بالذنب الشديد، فأقول لنفسي: إني كنت أعامل أبي بطريقة غير لائقة، وأجلسه بطريقة خاطئة، وأشعر بشعور من الألم، وأصبت بانهيار عصبي، وبدأت في لوم نفسي بأني كنت فتاة عاقة، كنت وحشًا، كنت أؤذي أبي وهو مريض.

السؤال الثاني: لا أعرف إن كنت أعاني من الاكتئاب أم لا، لكن سأخبركم بما مررت به، كنت أعاني من أعراض مقاومة الأنسولين، ودورتي الشهرية مضطربة منذ بلوغي،، وليست هذه المرة الأولى التي أصاب فيها بانهيار عصبي، وحزن شديد.

عندما أستيقظ في الصباح كنت أتناول السكريات، وكان مزاجي سيئًا للغاية، ما كنت أريد الاعتناء بوالدي، وكنت أتجنب ذلك، أقول لنفسي: أنا فتاة قبيحة وغير ذلك، وكنت أقول: ماذا سيظن والدي عندما يراني وأنا بعمر 27 عامًا، ولم أتزوج بعد، فكنت أمر بحالة سيئة، ولذلك كنت أتجنب الاعتناء بوالدي بسبب الخجل من نفسي، حيث كنت أطعمه كل يوم الغداء، لكني أتجنب النظر إليه حتى لا يراني، حيث أشعر أنه أحس بحالتي النفسية رغم أنه مريض.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Barni حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بكِ -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لكِ تواصلك معنا بهذا السؤال، ورحم الله والدكِ رحمةً واسعة، وعوضكم الأجر والثواب -بإذن الله عز وجل-.

أختي الفاضلة: والدكِ -رحمه الله- توفي منذ تسعة أشهر، وأمر طبيعي أن الإنسان يراجع نفسه، بل يلوم نفسه، ويؤنب ضميره أنه لو فعل كذا لكان أفضل، أو لو تعامل معه بشكل آخر وهكذا، إلا أن كلمة (لو) -كما تعلمين- تفتح عمل الشيطان.

من الطبيعي -أختي الفاضلة- أن تشعري بشيء من لوم الذات، وإن كنتِ كذلك غير محتاجة لهذا، فقد كنتِ -رعاكِ الله- تقدمين الرعاية لوالدكِ، وتعتنين به وفق قدراتكِ؛ كنتِ تطعمينه الغداء كل يوم، يومًا بعد يوم، فجزاكِ الله كل خير؛ ولا يشغلكِ ما قالته أمكِ مرة من المرات، فسلوككِ يدل على غير هذا -بإذن الله-.

ذكرتِ أنكِ مصابة بمقاومة الأنسولين، وهو أحد أشكال داء السكري، والذي يحتاج إلى علاج متخصص كعلاج مرض السكري، وطبعا تعلمين أن عليكِ أن تتجنبي السكريات.

أما بالنسبة للتوتر الذي يأتيكِ مع الدورة الشهرية: فهذا أيضًا أمر معروف عند كثير من النساء؛ توتر ما قبل الدورة الشهرية هو قضية طبية تحتاج إلى علاج؛ لأن من أعراضه المزاج السيئ الذي ذكرتيه في سؤالكِ.

نصيحتي لكِ -أختي الفاضلة-:
خذي وقتكِ في التعافي من الحداد، وحزن وفاة والدكِ -رحمه الله-، فما هو إلا وقت حتى تعودي لمتابعة الحياة كما أرادها الله تعالى لكِ، وكما كان يريدها منكِ والدكِ -رحمه الله-.

وهنا أنصحكِ أن تتجنبي العبارات السلبية التي تصفين بها نفسكِ، مثل بعض العبارات التي وردت في سؤالكِ من أنكِ في حالة سيئة إلى آخره؛ فمثل هذه العبارات توصل عند الإنسان النظرة السلبية والدونية لنفسه؛ فاحرصي على تجنبها، وخذي وقتكِ للتعافي، ثم توجهي لبناء حياتكِ، فأنتِ ما زلتِ شابة في السابعة والعشرين من عمركِ، ولا شك أن موضوع الزواج سيأتي في وقته.

عليكِ أن تركزي على بناء حياتكِ لتكوني الابنة البارة والناجحة في الحياة بعد فترة من التعافي، وإن كنت ما زلتِ تشعرين بشيء من الاكتئاب، فلا بأس بأن تستشيري إحدى الأخصائيات النفسية أو الطبيبة النفسية، ليؤكدن أو ينفين وجود الاكتئاب السريري، فإن وجد، فهو يحتاج إلى علاج متخصص، وإلا فالأمور طيبة -بإذن الله عز وجل-.

أخيرًا: أدعو الله تعالى أن يخفف عنكِ، وييسر لكِ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً