الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حاولت إقناع زوجتي بعدم الاحتفال بعيد الميلاد ولم أنجح، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوج منذ خمسة عشر عامًا، وتوجد مشكلات كثيرة بيني وبين زوجتي، كادت أن تؤدي إلى الانفصال أكثر من مرة، وما زالت هذه المشكلات قائمة، إلَّا أننا نعيش معًا حفاظًا على نفسية الأطفال.

لديّ ولد يبلغ من العمر أربعة عشر عامًا، وبنت تبلغ ثلاث سنوات، وكلاهما من مواليد شهر أكتوبر، وزوجتي لها أخ من مواليد الشهر نفسه. وفي كل عام، في نهاية شهر أكتوبر، تدعو زوجتي أخاها إلى منزلنا، وتشتري قالب حلوى كبيرًا، وتُعلّق الزينة احتفالًا بهذه المناسبة، ولكن دون تشغيل الأغاني.

أنا لا أسأل عن حكم هذا الاحتفال، لأني أعلم أنه غير جائز، وأرفضه، ولا أحضره، ولا أدفع أي تكاليف لتجهيزه، وزوجتي تعلم أيضًا حكمه جيدًا، لأنها منتقبة، ومن المفترض أنها ملتزمة، لكنها تبرر ذلك بأنها تُدخل السرور على الأطفال وعلى أخيها.

حاولت إقناعها كثيرًا، وأرسلت لها فتاوى المنع من موقعكم، وتحدثت معها مرارًا حتى وصل الأمر إلى حدوث مشكلات، ولكن دون جدوى. وعندما طلبت منها أن تُقيم هذا الاحتفال في بيت أخيها، الذي يعيش وحيدًا، رفضت وقالت: لن أتوقف، وسأقوم بهذا في البيت كل عام.

سؤالي هو: هل عليّ وزر لسماحي بحدوث هذا في بيتي؟ وهل يدخل ذلك في باب النهي عن المنكر، ويجب عليّ منعه، حتى لو أدى إلى زيادة المشكلات، أم يكفي مجرد عدم الحضور أو دفع أي تكاليف؟

مع العلم أن الإقناع بالحسنى والمعروف لم يُثمر عن نتيجة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، كما نشكر لك حرصك على حفظ أسرتك من الوقوع في المخالفات والمبتدعات، ونسأل الله تعالى أن يُقر عينك بصلاح أولادك، وأن يُصلح ما بينك وبين زوجتك، ويديم الألفة والمودة بينكما.

وقد أحسنت -أيها الحبيب- حين حافظت على أسرتك، ولم تفارق زوجتك مراعاةً لأطفالك والحفاظ على مصالحهم، وهذا أمر قد وُفِّقت له، ونسأل الله تعالى أن يُجري الخير على يديك، وأن يتمم عليك نعمته بإصلاح ذريتك، وإصلاح ما بينك وبين زوجتك.

وقد أحسنت -أيها الحبيب- حين أنكرت على زوجتك ما تراه أنت منكرًا، وهو بدعية الاحتفال بعيد الميلاد للأولاد، فكثير من العلماء كما لا يخفى عليك، وكما نقلت أنت فتوانا في هذا الموقع، وكذلك فتوى كثير من أهل العلم، على أن هذا أمر مبتدع وتشبّه بغير المسلمين، فينبغي تجنبه.

وإذا كانت زوجتك ترى نفس الرأي، فإنه يجب عليها أن تمتنع عن هذا، لأنها تفعل شيئًا محرمًا في اعتقادها، أمَّا إذا كانت تقلّد وتتابع من سمعتهم يفتي من العلماء بأن هذه عادة وليست عبادة، فنرجو أن يكون لها عذر في ذلك.

وعلى كل تقدير: فإنكارك لهذا المنكر -أيها الحبيب- ينبغي أن يكون منضبطًا بالضوابط الشرعية لإنكار المنكر، ومن هذه الضوابط: ألَّا يؤدي إلى منكر أكبر منه، وألَّا يُنهى الإنسان عن مفسدة لتقع مفسدة أكبر منها.

ولهذا نرى أنه ينبغي لك أن تصبر على زوجتك، وتحاول إقناعها باللين والحسنى، وأن توجه نظرها وتَلفت انتباهها إلى أنه يمكن أن تُدخل السرور على أطفالها بطرق كثيرة، ومنها: أن توفر لهم ما يحتاجونه ممَّا يُدخل عليهم الفرح والسرور من الألعاب ونحوها، وإن لم يُلتزم ذلك اليوم الذي وُلد فيه الشخص بعينه.

فإن استجابت لهذه الجهود، فالحمد لله، وإن لم تستجب، فنصيحتنا لك أن تصبر، ويكفي في إنكارك ما تفعله أنت الآن من عدم حضور هذا المجلس، وعدم المشاركة في تمويله.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً