السؤال
ما الدليل من الكتاب والسنة علي قول شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن تابت هذه البغي وهذا الخَمَّار وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم، فإن كان يقدر أن يتجر أو يعمل صنعة كالنسج والغزل، أعطي ما يكون له رأس مال، وإن اقترضوا منه شيئا ليكتسبوا به كان أحسن؟. انتهى من مجموع الفتاوى.
وهل حدث ذلك أيام الصحابة؟ وهل هذا القول يتعارض مع الحديث: كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به؟. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمال الحرام لكسبه إذا أخذه المحتاج ـ سواء كان هو المكتسب له أو لاـ كان حلالا عليه، فقد صار لوجود وصف الفقر والحاجة فيه مصرفا لهذا المال، قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ نقلا عن الغزالي في معرض كلامه عن المال الحرام والتوبة منه ما نصه: وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير، بل يكون حلالا طيبا، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته، لأنه ـ أيضا ـ فقير.
قال النووي معلقا على قول الغزالي: وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب وهو كما قالوه.
وليس في هذا تعارض مع قوله عليه الصلاة والسلام: إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به. رواه الترمذي وغيره. لعموم قوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: 173}.
والفقير إنما يأخذ لفقره وحاجته، فعلى ذلك يكون الحديث في حق غير الفقير، كما يتضح هذا من قول الغزالي السابق:وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير، بل يكون حلالا طيبا.
وأما هل حصل في عهد الصحابة أن دفع مثل هذا المال الحرام إلى حائزه؟ فلم نقف على شيء من ذلك.
والله أعلم.