الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ما ربحه المرء قبل العلم بحرمته، والانتفاع به

السؤال

عملتُ عملاً عبر الإنترنت، كسبتُ منه بعض المال، وكان هذا العمل على وجهين:
الأول: تصميم صور إعلانية للمحلات التجارية، وأنا على علم بأنه خال من المحرمات.
الثاني: العمل كمروّج لشخص يقوم ببيع المتابعين والإعجابات.
علماً أني قد تركتُ العمل على الإنترنت منذ فترة بسبب قلة المكسب وصعوبة العمل، وبعد مرور سنة، علمتُ أن بيع المتابعين والإعجابات حرام شرعاً، فانصدمتُ كثيراً؛ لأنني كنتُ أحرص على تجنب التعامل مع أصحاب صفحات الأغاني وغيرها مما فيه شبهة، واقتصرتُ على التعامل مع أصحاب الصفحات التجارية، ظناً مني أنهم يستفيدون في ترويج تجارتهم من خلال المتابعين والإعجابات.
باختصار: لم أكن أعلم بحرمة هذا العمل، وقد كسبتُ منه مالاً أنفقته كاملاً، واشتريتُ ببعضه هاتفاً حديثاً. أشعر بصدمة كبيرة؛ لأنني لا أحب العمل الحرام ولا الكسب الحرام، ولا أعرف الحكم الشرعي فيما فعلتُ، وما المطلوب مني كي يقبل الله توبتي، ويغفر لي ما عملتُ جاهلاً بحكمه. والله يعلم أنني لم أهدأ منذ أن علمتُ بحرمة هذا العمل.
أسأل الله أن يوفقكم في إرشادي وتوجيهي لما يرضيه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يتمّ عليك نعمته، وأن يوفقك لما يحب ويرضى.

وأما ما سألت عنه، فلا نرى أنه يلزمك شيء عن عملك السابق في الترويج لبيع المتابعين والإعجابات؛ لأنك كنت تعتقد حِلَّ ذلك أثناء العمل، وما رَبِحَهُ المرء قبل العلم بحرمته، لا حرج عليه في الانتفاع به -إن شاء الله تعالى-، فقد قال تعالى في حق المال المكتسب من الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة: 275}.

قال الشيخ ابن عثيمين في تفسيره: إن كان جهلاً منه، ولا يدري أنه حرام؛ فإن توبته تَجُبُّ ما قبلها، وهو له، لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة:275]. اهـ. وانظر الفتوى: 374263، وما أحيل عليه فيها.

وكذلك؛ لأن السائل كان يتعامل مع أصحاب الصفحات التجارية كي يستفيدوا في ترويج تجارتهم عن طريق المتابعين، وبيع المتابعين في مثل هذه الحال فيه منفعة معتبرة للمشتري، وليست من باب التكثر، والتشبع بما لم يعط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني