الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

امتنع أبوها عن تزويجها فزوجت نفسها دون إذنه

السؤال

أنا فتاة عمري: 31 سنة، ومنذ أقل من سنة مررت بفترة تشبه الاكتئاب كنت فيها أحاول أن أتزوج من شخص يعجب أبي، لأرضيه، وأبي صعب ـ جداً ـ إرضاؤه فيما يتعلق بالخطاب، فهو يشترط في عائلة الزوج أن تكون متعلمة بأعلى الدرجات وفي مراكز مرموقة، وتأخر زواجي لأسباب عدة، ولدي مشكلة مرضية تضعف ـ جداً ـ من احتمال الإنجاب، مع التقدم فى العمر، وكنت أعرف أحد الزملاء منذ وقت الدراسة فى الجامعة ـ وكان مكافحا ويحبني ـ جداً ـ ولكنه كان من أسرة أفقر منا ومستوى تعليمها متوسط ولم أكن أميل إليه، مع معرفتي أنه أكثر الناس حبا لي ـ فقد استمر حبه لي 15 عاما ـ أخذ يدرس ويعمل فى إحدى الدول العربية حتى أصبح في منصب جيد وادخر أكثر من مليون ريال، وقد حاول أن يأتي أبي، ولكنه كان يرفض مقابلته حتى جاءه مرة دون إذن، ولكن أبي لم يرض، لنفس السبب، مع أنه لم ير فيه ما يعيبه به ـ كل هذا لا يهم ـ المهم أنني في لحظة ضعف ويأس ووحدة واحتياج ارتكبت جرما في حق أهلي ونفسي، فتحت ضغط شديد منه تزوجته على سنة الله ورسوله ودون علم أبي كولي وأنا بكر، بدعوى منه أنه يحبني وسيحافظ علي، ولأن إجراءات الاستقدام تأخذ أكثر من 6 أشهر ـ يغير فيها الله الحال ـ وسيأتي إلى أبي مرة أخرى ويقنعه، والآن أنا لم أعد أقدر أن أغمض عيني، ذهب مني النوم والطمأنينة وفقدت عملي وأصبحت تعيسة أخاف على أهلي من الصدمة لو عرفوا ولم أعد قادرة على هذه الحياة، فماذا أفعل؟ أأتركه وأذهب إلى أهلي وأعيش بينهم وأطلب من الله ستري ـ والعوض على الله؟ أم ماذا أفعل؟ أنا في حزن شديد لم أعرفه من قبل، أعلم أنني مذنبة، فهل إلى سبيل من صلاح الحال؟ مع العلم أنني ـ والله ـ قد حاولت مراراً أن أتقبل ما يروق لأبي غير ناظرة إلا سعادته، فأمي ـ نفسها ـ قلت لها أريد من أبي أن يرضى ونتزوج، إلا أنها قليلة الحيلة ـ جداً ـ ولا تستطيع أن تقف أمام والدي ـ وهي طبعا لا تعلم ما فعلته ـ وقد حاولت مراراً أن أجد من يقنعه، فذهبت إلى أخي وإلى عمي، ولكنهم خافوا أن يغضبوه، حتى إنني توصلت إلى محمول مفتي الديار المصرية ورجوته الذهاب إلى أبي، لكي يرضى أن يزوجنا ولكنه لم يفعل شيئا، أرجو من الله أن يجيرني حتى إذا كان عقابي أن أترك هذا الزوج وأبقى وحيدة بلا زوج ودون أن يكون لي ولد حتى الموت.
فأرجوكم ساعدوني ـ أثابكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الراجح من كلام أهل العلم أن الكفاءة في النكاح، إنما تعتبر بالخلق والدين لا غير، وقد بينا هذا في الفتوى: 2346، فإذا تقدم الكفؤ للمرأة فليس لوليها أن يمنعها من الزواج به، حيث رضيت بذلك، فإن منعها، فإنه آثم وتسقط بذلك ولايته وتنتقل الولاية إلى من بعده من الأولياء أو إلى السلطان ـ على خلاف بين أهل العلم ـ وراجعي في ذلك الفتاوى: 71740، 67198، 80753.

ومن هنا، فقد كان عليك أن تبيني هذا لأبيك وتعلميه بمدى الضرر الذي يلحقك بتأخرك عن الزواج، فإن أصر على منعه فلك أن ترفعي الأمر للقضاء ليجبره على تزويجك، أما أن تزوجي أنت نفسك، فهذا لا يجوز، والزواج باطل ـ على الراجح من كلام العلماء ـ كما بينا ذلك في الفتوى: 10286.

وعلى ذلك، فإن الواجب فسخ هذا الزواج، أو تطلبي من زوجك أن يطلقك ثم اطلبي بعد هذا من أبيك أن يزوجك منه، فإن رفض فاطلبي هذا من غيره من الأولياء، فإن رفضوا خوفاً من أبيك، فعليك أن ترفعي الأمر للقضاء ليجبره القاضي على التزويج، وراجعي ترتيب الأولياء حسب أحقيتهم في التزويج في الفتوى: 22277.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني