السؤال
أنا متزوج منذ ستة عشرة عاما، ولي ثلاث بنات، وكان لنا ولد توفي في السادسة من عمره قبل ثلاث سنوات مضين، وزوجتي الآن بعد وفاة ابننا التزمت بالصلاة والتحقت بجمعية المحافظة على القرآن الكريم بهدف تعلم التجويد والتلاوة، وحصلت على إجازة في القرآن وتطور الأمر إلى أن أصبحت مساعدة لرئيسة مركز تحفيظ القرآن، وصار جل اهتمامها بهذه الجمعية والحصول على رضا الرئيسة والجمعية والنساء العاملات والمنتسبات للجمعية وكذلك إدارة الجمعية، علما بأنني أرى أن هناك شيئا من الغرور والنفاق وذلك لأني أرى بأنها تهتم بالجمعية أكثر من الزوج والبنات والبيت، وقد حصل خلاف بيني وبينها بسبب أنني شطبت رقم هاتف أحد الشيوخ، وكذلك لاعتراضي على تسجيل أرقام أي رجل حتى وإن كان من كبار العلماء، علما بأنها تعود للماضي الذي كنا فيه من العصاة المقصرين وتبدأ بشتمي والدعاء علي وإهانتي، وبأنني مجنون و كنت في السابق من المتهاونين في الصلاة وهي كذلك، وكنت دائما أطلب اللباس الساتر المحتشم لأن جداتنا وأمهاتنا كنا كذلك وكنت أتهم بأنني متخلف ورجعي.
وكنت أريد أن يتعلم بناتي الصلاة واللباس الشرعي منذ الصغر إلا أنها كانت ترفض لأنها لا تريد إثارة عقد لهن وهن صغيرات، الآن هن لا يصلين بالرغم من تحدثي معهن كثيرا وهن يلبسن البنطال مع ما يسمى حجاب الأميرة وأعمارهن بين 16 - 14 - 12 سنة على التوالي وعمري وعمر زوجتي 45 سنة.
أنا منذ ثلاث سنوات أحافظ على الصلاة وأطلقت لحيتي اقتداءا بسنة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام وأنا أجاهد ليكون بيتي من أفضل وأحسن البيوت الاسلامية، وحسب ما أمر الله. قبل فترة لبست زوجتي الحجاب الكامل وكانت لا تقابل أخي أو أحدا من أزواج أخواتها إلا في الحجاب. لكن بعد فترة ورضوخا لآراء البعض بدأت بالظهور أمامهم ووجهها وكفاها مكشوفان. أرجو منكم -رعاكم الله وحفظكم-الرأي الديني والنصح والإرشاد والتوجيه حسب شرع الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شكّ أنّ اجتهاد زوجتك في تعلّم القرآن وتعليمه أمر محمود بل هو من أفضل الأعمال، و الأصل أن تحسن الظنّ بها ولا تتهمها في إخلاصها، لكن إذا كانت تقصّر في حقّك وحقّ أولادها، فهي على خطأ كبير، فإنّ قيامها بحق زوجها وأولادها واجب متعين عليها، أمّا تعليم القرآن فليس بمتعين عليها، و إذا كانت تسيء إليك وتشتمك وتدعو عليك بغير حقّ فهي مرتكبة لإثم كبير، والذي ننصحها به أن تتوب إلى الله وتحسن عشرتك وتطيعك في المعروف ، ومن ذلك أنه يجب عليها طاعتك في عدم كشف وجهها وكفيها أمام إخوتك أو غيرهم من الأجانب، وتراجع في ذلك الفتوى رقم : 62866
وعليها أن تجتهد في رعاية أولادها وتربيتهم تربية صالحة فهي مسؤولة عن ذلك، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها..(متفق عليه).
فإن استطاعت أن تجمع بين ذلك وبين عملها في تعليم القرآن فهو خير ، وإن لم يمكنها الجمع بين الأمرين فلتتفرغ لبيتها ولتعلم أنّ لها أجرا عظيماً في القيام بحق الزوج والأولاد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت. رواه ابن حبان في صحيحه.
والذي ننصحك به أن تقوم بواجبك في القوامة على زوجتك وأولادك وتحملهم على أداء الفرائض كالصلاة والحجاب الشرعي وتكفهم عن المحرمات، فأنت مسؤول عن ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم : وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ... (متفق عليه). وراجع في مواصفات الحجاب الشرعي الفتوى رقم: 6745.
وينبغي أن تتعامل مع زوجتك بالحكمة وتسلك معها وسائل الإصلاح المشروعة، و تتعاون معها على طاعة الله وننصحك بكثرة الدعاء مع إحسان الظن بالله فإنه قريب مجيب.
والله أعلم.