السؤال
منظمة خيرية تعمل في تمكين الأمة الإسلامية في الهند ترغب في استخدام الفوائد الحاصلة للمودعين على أموالهم المدخرة في البنوك التجارية ـ لا يوجد بنك إسلامي في الهند ـ لتنفيذ المشاريع الخيرية العامة مثل تطوير البنية الأساسية في القرى وبناء المدارس والمراكز الصحية وإطلاق المشاريع الصناعية الصغرى لمعيشة أهل القرى الفقراء وغيرها، والسؤال هو: هل يمكننا استخدام الفوائد الحاصلة من البنوك الربوية على أموال المودعين لتنفيذ المشاريع العامة لاستفادة الجمهور العام؟ علما أنه لا يوجد لدينا في الهند بنوك إسلامية، ولا خيار أمامنا إلا التعامل مع البنوك الربوية، الرجاء توضيحاتكم في الموضوع، كما نرجو بيان اسم المفتي الفاضل الذي أفتى في الموضوع
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشكر لكم هذا التوجه الحسن والمقصد النبيل، ومن سعى في الخير ابتغاء وجه ربه وفق وسدد:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه * لا يذهب العرف بين الله والناس.
وأما ما سألت عنه حول استخدام الفوائد الربوية في المشاريع الخيرية التي يعود نفعها على عموم الناس؛ كالمدارس والمستشفيات ونحوها أو صرفها للفقراء والمحتاجين: فلا حرج فيه، لأن ذلك هو مصرفها، قال الإمام النووي في المجموع: فرع: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه ـ فإن كان له مالك معين ـ وجب صرفه إليه أو إلى وكيله فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه, وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة, كالقناطر والربط والمساجد ومصالح طريق مكة, ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه, وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء, وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا، فإن لم يكن عفيفا لم يجز التسليم إليه, فإن سلمه إليه صار المسلم ضامنا بل ينبغي أن يحكم رجلا من أهل البلد دينا عالما، فإن التحكيم أولى من الانفراد, فإن عجز عن ذلك تولاه بنفسه, فإن المقصود هو الصرف إلى هذه الجهة, وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير, بل يكون حلالا طيبا, وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا, لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه, وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته، لأنه أيضا فقير، وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب, وهو كما قالوه, نقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف, عن أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر, فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين. انتهى.
ولكن ننبه على أنه ينبغي الضغط على المؤسسات المالية ورجال الأعمال وأرباب الأموال كي يفتحوا بنوكا إسلامية تراعي الضوابط الشرعية في معاملاتها المالية، ولو أحجم الناس عن معاملة البنوك الربوية واقتصروا على موضع الحاجة فحسب لسارعت تلك البنوك وأرباب الأموال إلى تحقيق ما يلبي رغبة الناس، لأن غايتهم هي الربح وجني الأموال، وقد تم ذلك حتى في البلاد الغربية التي يعتبر المسلمون فيها أقلية فكيف بالبلاد التي يعيش فيها أكثر من 150 مليون مسلم.
وأما سؤالك عن الفتوى في الموقع: فتقوم على الفتوى لجنة شرعية متخصصة.
والله أعلم.