السؤال
كنت أعمل في بنك ربوي، وأتقاضى راتبًا، يقتطع جزء منه للاستثمار في صندوق العاملين، مقابل نسبة فائدة ثابتة، يضعها البنك على ما أدفعه، وعندما تركت البنك، وعملت في عمل آخر - بنك إسلامي - أخذت من العمل الأول مجموع ما تم اقتطاعه من مرتبي: الفائدة، وقد تبت إلى الله، وعرفت أن كل ذلك من المحرمات، فهل أقوم بالتخلص من الفائدة فقط، أم مما كان يتم اقتطاعه من المرتب أيضًا؟ علمًا أن هذا المبلغ الآن يمثل كل مدخراتي خلال الأعوام الماضية؟ وماذا عما تم إنفاقه خلال عملي في هذا البنك الربوي من ملابس مثلًا، أو أثاث، أو إنفاق على الزوجة، وعلى الأولاد - جزاكم الله عنا خيرًا -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من كلامك أنك لم تكن تعلم بحرمة ما أقدمت عليه من العمل في البنك الربوي، والمشاركة في صندوق الاستثمار الذي يعطيك فوائد مقابل ما يقتطعه من راتبك، وقد تبت من ذلك بعدما علمت بحرمته، وإذا كان كذلك، فلا حرج عليك في الانتفاع بما اكتسبته.
قال ابن عثيمين: الذي يظهر لي: أنه إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ، وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام، فلا يخرج شيئًا، وقد قال الله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة:275}. أما إذا كان عالمًا فإنه يتخلص من الربا بالصدقة به، تخلصًا منه، أو ببناء مساجد، أو إصلاح طرق، أو ما أشبه ذلك. اهـ.
وبعض العلماء لا يقيد ذلك بالجهل بحرمته حال اكتسابه، بل يقول: إذا تاب، فله ما سلف.
قال ابن مفلح في الفروع: واختار شيخنا - أي: ابن تيمية - فيمن كسب مالًا محرمًا برضا الدافع، ثم تاب كثمن خمر، ومهر بغي، وحلوان كاهن أن له ما سلف للآية - يعني قوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة:275} - ولم يقل الله: فمن أسلم، ولا من تبين له التحريم .اهـ.
وعلى هذا، فلا حرج عليك في الانتفاع بما اكتسبته من عملك السابق، أو صندوق الاستثمار سواء ما اقتطع من راتبك أم غيره، ويكفيك توبتك من ذلك، وكفك عنه بعد علمك بحرمته.
والله أعلم.