السؤال
ما حكم الصلاة في مسجد ما مع الشك في وجود قبر هناك -حسب كلام الآخرين-؟
وبما أن من شروط خطبة الجمعة قراءة آية قرآنية على الأقل، فهل تشترط الاستعاذة والبسملة لكي يتحقق ذلك الشرط -لو افترضنا أنها واجبة عند بداية قراءة القرآن-؟ وهل يجب إعادة صلاة الجمعة ظهرًا إذا لم ألتحق بالخطبة الأولى؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالصلاة في المسجد الذي يُشك في وجود قبر فيه ولم يُجزم تعتبر صحيحة؛ إذ الأصل صحة الصلاة في المساجد، ولا يُحكم ببطلانها لمجرد الشك، بل لو ثبت أن في المسجد قبرًا لم يحكم ببطلان الصلاة فيه حتى يُنظَرَ هل القبر داخل المسجد أم في فنائه، فتبطل الصلاة إن كان القبر داخل المسجد -على قول من يقول من العلماء بالبطلان-، ولا تبطل إن كان بفنائه وليس بداخله، وانظر الفتوى رقم: 40826 عن حكم الصلاة في المسجد الذي بداخله قبر، والفتوى رقم: 16049 عن كون الصلاة بالمسجد الذي يضم قبرًا منهيًّا عنها، ومثلها الفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 1530.
وأما عن الخطبة: فإنه لا يشترط عند قراءة الآية فيها الاستعاذةُ ولا البسملةُ، وقد كان النبي -صلى الله عليه ويسلم- يخطب بخطبة الحاجة المشهورة "إن الحمد لله نحمده ونستعينه ... إلخ" وفيها بعض الآيات، ولم يرد أنه استفتحها باستعاذة أو بسملة، ولا يجب عليك إعادة الجمعة ظهرًا إذا لم تلتحق بالخطبة الأولى، بل ولا الثانية، وإنما إذا أدركت ركعة مع الإمام فقد صحت جمعة، قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى- في المغني:
أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ، فَهُوَ مُدْرِكٌ لَهَا، يُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى، وَيُجْزِئُهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَعَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَعُرْوَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَمَكْحُولٌ: مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْخُطْبَةَ صَلَّى أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ لِلْجُمُعَةِ، فَلَا تَكُونُ جُمُعَةً فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ شَرْطُهَا. وَلَنَا: مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: {مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ} رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلَفْظُهُ: "فَلْيَصِلْ إلَيْهَا أُخْرَى"، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ. اهــ.
وانظر الفتوى رقم: 126521 حول كيف يصلي من أتى إلى الجمعة متأخرًا، والفتوى رقم: 252907 عن مذاهب العلماء في أقل ما يجزئ في خطبة الجمعة.
والله تعالى أعلم.