السؤال
حضرت الشيخ الجليل، سؤالي عن صديقتي: إنها مطلقة، وتزوجت من آخر، وزوجها الثاني وعدها بوعود كثيرة، ولم يحقق لها غير جزء بسيط. قال لها سوف أعمل لك الإقامة، وسوف أسكنك في مسكن محترم، وسوف أعوضك عن كل شيء حرمت منه، ولكن ظهر أنه كذاب أسكنها في ستوديو صغير، ولم يعمل لها إقامتها، وقال لها: أحضري الفلوس، وأعمل لك الإقامة، ولا يصرف عليها، ولا يأتي إليها غير ساعات في الأسبوع؛ لأنه متزوج من قبل، وله ولد من الأولى، وقد رضيت صديقتي بأنه متزوج، وقبلت بذلك، ولكنه يتركها في البيت وحدها، ولا يجعلها تتكلم مع الجارات، أو تأنس بهن، ويجعلها طول الوقت وحدها، ولا تشعر أن هذا الزوج مسؤول عنها، ولم يعلم زوجته الأولى أنه تزوج من صديقتي، ولم يوثق العقد في المحكمة، فقط معروف أنه زوجها أمام أهلها فقط، ولم يخبر أهله، ولا زوجته.
السؤال: هل يحق له أن يطلب منها أن تشتغل، وأن تحضر فلوس الإقامة؟ وهل تبقى معه مع أنها أصيبت بالإحباط، والاكتئاب بسبب زواجها الأول، والثاني لم تكن سعيدة مع أي أحد منهما، ولها 3 أولاد من زوجها الأول، حتى أولادها لا يسألون عنها، لها ولد وبنت في الإمارات، ولها ولد وعمره 22 سنة في عمان، يدرس، ويتعلم، ويأخذ مصروفه من أبيه؟
حضرت الشيخ: كيف تتصرف مع هذا الزوج، وهو يطلب منها أن تحضر له فلوس الإقامة، وتخاف أن يسفروها من البلد، وليس لها أحد تذهب إليه إن سفروها، وزوجها لا يهتم لهذا الأمر؟
وهل تطلب الطلاق من هذا الزوج غير المسؤول؟
أفيدونا حضرت الشيخ الجليل بارك الله فيكم، وجزاكم الله عنا كل الخير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فللزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مناسبا يليق بحالها، فإن كان هذا المسكن الذي قد أسكنها فيه دون ذلك، وهو لديه قدرة لتوفير المسكن المناسب، فهو مقصر في حقها، ولتراجع الفتوى رقم: 110353.
وبالنسبة للإقامة: فلا يلزم الزوج أن يوفرها لزوجته، إذ لا يلزمه شرعا أن تقيم زوجته معه حيث يقيم -إلا إن كانت اشترطت عليه ذلك-، ولكن من حقها عليه أن لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها، كما قضى بذلك عمر -رضي الله عنه- وذكره الفقهاء في كتبهم، وقد أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 22429، ومهما أمكن الزوج أن يقيم أهله معه حيث يقيم كان أفضل، خاصة مع ما ذكر هنا من أنه وعدها أن يوفر لها الإقامة، والوفاء بالوعد مستحب، وانظري الفتوى رقم: 17057.
ومن حق الزوجة على زوجها أيضا أن ينفق عليها حسب حالها، ويساره، فإن لم يفعل، وحصلت على مال له، فلها أن تأخذ منه بقدر نفقتها وولدها بدون علمه، كما أفتى النبي صلى الله عليه وسلم هندا -رضي الله عنها- زوجة أبي سفيان رضي الله عنه، وهو مبين بالفتوى رقم: 19453. وراجعي أيضا الفتوى رقم: 51574.
ويجب على من كانت له زوجتان أن يعدل بينهما في القسم، فإن لم يفعل، لحقه الوعيد الشديد الوارد في بعض النصوص الشرعية؛ لأن هذا نوع من الظلم، كما أوضحنا بالفتوى رقم: 2967. ومما يجدر التنبيه عليه هنا هو أنه إذا كانت الزوجتان في بلدين مختلفين، فذلك لا يسقط عن الزوج وجوب العدل بينهما، وسبق بيان ذلك بالفتوى رقم:56440 .
وينبغي للزوج العمل على كل ما يمكن أن يدخل السرور على زوجته ويؤنسها، فهذا من حسن العشرة، ومن كمال خلق الزوج. وإذا كانت أحواله في العمل وكسب العيش مثلا قد تقتضي طول غيابه عن زوجته، فليكن عونا لها، فيما يمكن أن يؤنسها، ومن ذلك المؤانسة مع جاراتها، فيأذن لها بذلك إن لم يخش عليها فسادا.
وننبه إلى أنه لا يشترط لزواج الرجل من ثانية أن يعلم زوجته الأولى، أو يستأذنها، ولو أنه فعل كان أفضل، إلا أن يعارض ذلك مصلحة راجحة، فلا يخبرها، وإنما قلنا بعدم وجوب ذلك عليه؛ لعدم الدليل الذي يلزمه بذلك.
والله أعلم.