السؤال
صديقتي تعاني من مشكلة، وهي أنها تعرضت لتحرش جنسي من قبل أقاربها في طفولتها، لأكثر من مرة، وأصبحت لديها مشاكل، وأمراض نفسية نتيجة الحادثة، ووالداها لم يستطيعا حمايتها، وحصل ما حصل لها؛ لسوء البيئة التي تربت فيها، وقد تقدم لها الآن شاب ذو أخلاق ودين، ويرغب في الزواج منها، وهذا الشاب هو الوحيد الذي وافقت عليه، وغير لها فكرة الزواج التي كانت ترفضها بسبب كرهها للرجال عامة، ولأنها شعرت معه بالأمان والراحة، ولأنه سيبعدها عن البيئة التي تعيش فيها، إلا أن أبويها غير موافقين بسبب أنه غريب، ومن خارج البلاد، وقال الأب: إن أصرت على الزواج، فسيجعل الأخ وليها، ولا يتدخل بالموضوع، فهل إن قاومت بالموافقة، وتزوجته، يكون زواجها منه باطلًا؟ وهل يعتبر هذا من عقوق الوالدين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشاب - كما ذكر- ذا خلق ودين، فليس من حق ولي هذه الفتاة أن يرفض زواجه منها؛ لمجرد كونه من بلد آخر.
وإن امتنع وليها عن تزويجها منه لغير مسوغ شرعي، فمن حقها أن ترفع الأمر للقاضي الشرعي، فإن ثبت عنده عضله لها؛ زوّجها، أو أمر وليها الأبعد بتزويجها، وتراجع الفتوى رقم: 238480.
وإذا أذن أبوها لأخيها بتزويجها، فزوجها؛ كان زواجًا صحيحًا.
وقولك: (فهل إن قاومت بالموافقة، وتزوجته، يكون زواجها منه باطلًا؟ وهل يعتبر هذا من عقوق الوالدين؟) إن كنت تعنين به السؤال عن حكم الزواج فيما إذا أصرت على الزواج منه، فزوجها أبوها لإصرارها، أو وكل من يزوجها، فالزواج صحيح، ولا تكون عاقة لوالديها؛ لأن من حقها الزواج من هذا الشاب، كما أسلفنا.
وإن كان المقصود أن تزوج نفسها، فليس لها ذلك؛ لأن الولي شرط لصحة الزواج، كما هو مرجح عندنا، وتراجع الفتوى رقم: 1766.
وإن رأت هذه الفتاة البر بوالديها، وترك الزواج منه، فعسى الله عز وجل أن ييسر لها بهذا البر من هو أفضل من هذا الشاب، خاصة وأن الزواج من رجل من بلد آخر، قد لا يخلو من محاذير فيما إن كان يريد أن يأخذها إلى بلده، فقد يكون هذا مثارًا للنزاع، مع العلم أن من حق الفتاة، أو وليها أن يشترط عليه عدم نقلها من بلدها، فإن وافق، وجب عليه الوفاء بهذا الشرط، كما بينا في الفتوى رقم: 1357.
والله أعلم.