السؤال
لدي غرفة نوم، وتحتي دورة المياه هل يجوز النوم في الغرفة والصلاة فيها؟!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة في الغرف المعروفة في البيوت اليوم، ويكون تحتها دورات المياه، لا تأخذ حكم ما يذكره فقهاء الحنابلة من عدم جواز الصلاة فوق سطح الخلاء، أو سطح الحمام؛ وذلك لأن الحمامات المعروفة اليوم لا تستقل ببناء خاص، ويكون سطحها سطحا لجميع البيت.
قال الشيخ ابن عثيمين في مجموع فتاويه ورسائله: الصلاة فوق سطوح حماماتنا المعروفة، لا بأس بها؛ لأن الحمامات عندنا لا تستقل ببناء خاص ويكون سطحها سطح جميع البيوت، والصلاة فوق سطح مجامع الفضلات النجسة، لا بأس بها أيضاً؛ لدخولها في عموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً. اهـ.
وعلى اعتبار أن لها حكم أسطح أماكن الخلاء (الكنف) والحمامات، فقد ذهب جمهور العلماء إلى جواز الصلاة فيها، خلافا للحنابلة.
قال الموفق ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: فَصْلٌ: وَإِنْ صَلَّى عَلَى سَطْحِ الْحُشِّ أَوْ الْحَمَّامِ، أَوْ عَطَنِ الْإِبِلِ أَوْ غَيْرِهَا، فَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُصَلِّي فِيهَا؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ، فَيَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُهُ. وَلِذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَدَخَلَ سَطْحَهَا، حَنِثَ، وَلَوْ خَرَجَ الْمُعْتَكِفُ إلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، وَالصَّحِيحُ ـ إنْ شَاءَ اللَّهُ ـ قَصْرُ النَّهْيِ عَلَى مَا تَنَاوَلَهُ، وَأَنَّهُ لَا يُعَدَّى إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنْ كَانَ تَعَبُّدِيًّا، فَالْقِيَاسُ فِيهِ مُمْتَنِعٌ، وَإِنْ عُلِّلَ فَإِنَّمَا تَعَلَّلَ بِكَوْنِهِ لِلنَّجَاسَةِ، وَلَا يُتَخَيَّلُ هَذَا فِي سطحها. انتهى.
ورجح القول بالجواز العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ كما في الشرح الممتع.
قال رحمه الله: ثانياً: سطح الحُشِّ، لا تصحُّ الصلاة فيه، لأن الهواء تابع للقرار، ولكن هذا التَّعليل عليل، فالهواء تابع للقرار في المُلْكِ، أما في الحُكم فلا، فقد نُهيَ عن الصلاة في الحُشِّ من أجل النَّجاسة، فإذا لم يكن نجاسة في سطحه فلا مانع، وهذا هو القول الصَّحيح الذي اختاره صاحب المغني، والدَّليل على أنها صحيحة: عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: جُعلت لي الأرضُ مسجداً وطَهُوراً. انتهى.
وبمثل هذا صرح فقهاء الشافعية.
جاء في تحفة الحبيب: بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَى سَطْحِهِ ـ أي الحمام ـ فَلَا تُكْرَهُ، وَمِثْلُهُ سَطْحُ الْحُشِّ، كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ. انتهى.
وعلى ما هو الراجح ـ إن شاء الله ـ كما رجحه ابن قدامة والشيخ ابن عثيمين، فلا حرج في الصلاة في هذه الغرفة المذكورة.
وقد سئلت اللجنة الدائمة سؤالا، ونصه: أود إحاطة فضيلتكم علما، أن هذه الوزارة قد انتهت منذ بضعة شهور من إنشاء مسجد ضمن مبنى الوزارة في الرياض ـ أعني وزارة التجارة ـ لتمكين الموظفين من أداء الصلاة فيه، ويقع هذا المسجد في الدور الأول من مبنى الوزارة، وتحته مباشرة مكاتب للموظفين ودورة مياه ـ حمام ـ تحت مؤخرة المسجد، وقد ذكر بعض موظفي الوزارة أن الصلاة لا تجوز في جزء المسجد الواقع فوق سطح دورة المياه، بحجة وجود نص شرعي معناه عدم جواز الصلاة في أرضية الحمام، وأن هناك من يرى أن هذا الحكم ينسحب على سطح الحمام باعتباره جزءا من بنائه، ونظرا لأهمية هذا الموضوع فقد رأينا استفتاء فضيلتكم في ذلك.......
وأجابت بما يلي: إذا كان الواقع كما ذكر، جاز أن يصلي على سطح دورة المياه المذكورة، ولا حرج ـ إن شاء الله ـ ولا كراهية في ذلك؛ لأن السطح لا يتبع الأصل في مثل هذا، وهذا هو الصحيح من قولي العلماء في هذه المسألة، كما صرح بذلك أبو محمد ابن قدامة المقدسي ـ رحمه الله ـ في كتابه المغني. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني