السؤال
أنا مغترب مع زوجتي، وأخت زوجتي تتواصل مع زوجتي عن طريق برنامج التواصل إيمو، لكنها عند إنشاء الحساب في هذا البرنامج أنشأته باسم زوجها، فعندما ترسل رسالة أو تتصل، فإن اسم المتصل الذي يظهر على شاشة هاتف زوجتي، هو اسم زوج أختها، وليس اسم أختها، فقلت لزوجتي: طالما نحن في الغربة، فلا مشكلة لديّ؛ لأنّي على يقين أن أختها هي المتصلة، ولكن عندما نعود إلى وطننا ونكون بين أهلنا؛ فإني أرفض رفضًا تامًّا أن تتصل بها أختها باسم زوجها -لا أستطيع أن أتخيل كيف تكون بين أفراد أهلي أو أهلها، وتصلها رسالة أو مكالمة باسم زوج أختها خاصة، وإن تكرر الأمر؛ تجنّبًا للقيل والقال-، وأن على أختها أن تغير اسم الحساب باسمها، أو ألا تتصل بها بهذا الحساب، فغضبت زوجتي، وقالت: إن كلام الناس لا يهمّ، طالما أنّي أعرف من المتصل، وأن المتصل الفعلي هي أختها، فكيف أنصحها؛ لأني أريد أن يتم الأمر عن قناعة منها؟ آسف على الإطالة، أنتظر إجابتكم مع شكري الجزيل، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا نرجو أن يكون بين الزوجين التفاهم، والاحترام المتبادل.
ومطلوب من المسلم والمسلمة اجتناب مواطن الشبهات، والبعد عن الوقوع فيما قد يحتاج إلى الاعتذار منه، روى الطبراني، وغيره، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإياك وما يعتذر منه. وروى البخاري في صحيحه عن علي بن الحسين -رضي الله عنهما- قال: إن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته، أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد، في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب (أي: ترجع)، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة، مرّ رجلان من الأنصار، فسلّما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: على رِسْلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله، يا رسول الله، وكبُر عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا.
قال النووي في شرح مسلم: فيه: استحباب التحرز من التعرض لسوء ظن الناس في الإنسان، وطلب السلامة، والاعتذار بالأعذار الصحيحة، وأنه متى فعل ما قد ينكر ظاهره مما هو حق وقد يخفى، أن يبين حاله؛ ليدفع ظن السوء.
وفيه: الاستعداد للتحفظ من مكايد الشيطان؛ فإنه يجرى من الإنسان مجرى الدم، فيتأهب الإنسان للاحتراز من وساوسه، وشره. اهـ.
وإذا كان الزوج يعلم حقيقة المتصل، فقد يجهله غيره.
ثم إنه لا يبعد أن يترتب على ذلك أن يوقع الشيطان في قلب الزوج شكوكًا حول زوجته، فيسيء بها الظن بعد أن كان يحسن بها الظن، وهما في غنى عن هذا كله، والسلامة لا يعدلها شيء.
وأمر الشبهة ها هنا واضح، فمن يرى اسم زوج الأخت، وهو لا يدري أن المتصل، أو المرسل هي الأخت نفسها، قد يسيء الظن بزوجتك، فهذا سبب وجيه لمنعها، فيجب عليها طاعتك في ذلك؛ لأن طاعة الزوجة زوجها في المعروف واجبة، كما هو مبين في الفتوى: 1780.
والله أعلم.