السؤال
أسأل الله العلي القدير أن يوفقكم لما يحبه ويرضاه، وأن تعطوني الإجابة الشافية لما يجول في صدري، فواللهِ إن الأرض ضاقت عليّ بما رحبت.
أنا شاب أبلغ من العمر 30 سنة، تزوجت قبل سنتين بفتاة من أطيب خلق الله، علًما أننا بدأنا من الصفر، ولم نكن نملك شيئًا، ويسر الله لنا الأمور، ونحن نعمل الآن معًا، وعندنا سيارة، ونستأجر منزلًا، لكنها -للأسف- اليوم تطلب مني الطلاق، وقد تركتني وذهبت لبيت أهلها؛ لأن معاملتي لها جعلتها متعبة، مريضة، تفكر في الموت.
أعترف أني أنا السبب في كل ما وقع، فلم أكن أقدم لها أي هدية، ولم أكن أبين لها أنني مسؤول ورجل، وكنت لا أهتم بنفسي، وأكذب عليها كثيرًا، بالإضافة إلى مجموعة من الأمور التي تستنكرها، كما أنني ابتعدت عن طريق ربي كثيرًا، لكني في المقابل أمتلك بعض الصفات الجيدة: فأنا دائمًا أحنّ عليها، وأكون أنا السباق للصلح عند حدوث المشاكل، ولم يسبق لي أن شتمتها، ولا قلّلت منها.
الله يعلم أنني نادم كل الندم، وأنا أصلي وأدعو ربي صباحًا ومساء، وقلبي يتفطر، ونفسيتي متعبة؛ لأنني أحبها كثيرًا، وأنا مستعد لإصلاح كل شيء.
تعذبت كثيرًا، وأريد أن يؤلف الله بين قلبينا من جديد، ويصلح حالنا، وسأكون لها نعم الزوج، والأب، والأخ، وسأقدم كل التضحيات من أجلها، فالله وحده يعلم حجم الضرر الذي لحق بي، فأنا أدعو وأبكي، فماذا أفعل، فقد ضاقت بي الأرض، وضاقت بي نفسي؟ أسألكم الدعاء كثيرًا، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همّك، وينفس كربك، ويصلح ما بينك وبين زوجك.
ونوصيك أولًا أن تهوّن على نفسك؛ حتى لا تهلكها بالأسى، والأسف.
واحرص على لزوم الصبر، فالصبر يأتي بالخير -بإذن الله عز وجل-.
والسخط والجزع لا يدفع مرهوبًا، ولا يأتي بمرغوب، وراجع الفتوى: 18103 ففيها بيان فضائل الصبر.
ثانيًا: عليك بالاستمرار في الدعاء، وكثرة التضرع إلى الله تعالى، فهو سبحانه السميع المجيب، فقد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، ولمزيد الفائدة، انظر الفتوى: 119608، ففيها بيان أسباب إجابة الدعاء.
ثالثًا: احرص على توسيط العقلاء من الناس، ولعل الأفضل أن يكون من أهلك وأهلها، فعسى الله تعالى أن يجري الخير على أيديهم.
رابعًا: إن تيسر الإصلاح بينكما، فاجتهد في تجنب ما قد كان سابقًا سببًا في هذا الجفاء، والخصام، وأنت على علم بهذه الأسباب، وما دمت قد عرفت فالزم.
خامسًا: إذا أصرّت على طلب الطلاق، فانظر في أمر طلاقها، فالطلاق قد تترجح مصلحته، كأن تستحيل العشرة، ولا يحقق الزواج مقاصده، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
ونلفت نظرك في الختام إلى أننا لدينا في موقعنا قسم للاستشارات، فلعلك إذا كتبت إليهم أن تجد منهم مزيدًا من التوجيهات النافعة، وهو على هذا الرابط:
http://consult.islamweb.net/consult/index.php
والله أعلم.