السؤال
قريبتي دائمة الخلاف مع زوجها، والسبب يرجع إلى عصبية الزوج، ولا مبالاته بالأمور الزوجية، وأمور العائلة، والزوجة معهود عنها الصلاح -من صيام النافلة، وكثرة قراءة القرآن، وغير ذلك من الأعمال التي تشهد لها بالصلاح -، واحترامها لحقوق الزوج، وهي دائمة المبادرة إلى الإصلاح عند الخلافات، وأحيانًا يصل الحال إلى القطيعة بالكلام، فتبادر هي إلى الحديث، لكن الأمر مزاجي عند الزوج، فمتى أراد الحديث تحدث، وهذا الأمر منذ مدة كبيرة؛ حتى بدأت تشعر بالإذلال، مع محاولتها حلّ الخلافات، وتكبُّر الزوج، والخلافات متقطعة، ولكن تكرارها كثير لأتفه الأسباب.
السؤال هنا: هذه الزوجة تريد الذهاب إلى الحج، فإذا ذهبت إلى الحج، وحجت، ورجعت، وما زال الأمر على ما هو عليه من الخلافات، فهل تأثم على هذه الخلافات والقطيعة التي تحصل؟ علمًا أنها دائما المبادرة بإنهاء هذه الخلافات، أم إنها تخلع الزوج، أم تطلب منه الطلاق؛ حتى يتسنى لها الحج والعودة كيوم ولدتها أمها، وتعود دون التعرض للإثم في حالة انفصالها عن الزوج؟
أفيدوني -جزاكم الله خيرًا-، فالزوجة تقدّر حق الزوج، وهي خائفة من أن تقع في الإثم بعد أن تعود من الحج.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمرء إنما يؤاخذ بكسبه هو، ولا مؤاخذة عليه بجريرة غيره، قال تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]، وفي مسند الإمام أحمد، وسنن الترمذي عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، قال: حدثني أبي، أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
فإن كانت هذه المرأة على ما ذكرت صالحة مستقيمة مطيعة لزوجها، فلا إثم عليها فيما ذكر من تصرفات زوجها، وكثرة خلافاته معها، وقطيعته لها، فهو من يأثم بذلك.
وقد أحسنت بمبادرتها إلى الإصلاح معه، ومحاولة إنهاء القطيعة، وخير المتخاصمين من يبدأ بالسلام.
وقد أحسنت أيضًا بحرصها على الحج، فلتحج، ونسأل الله تعالى أن ترجع من حجها كيوم ولدتها أمّها بذنب مغفور، وسعي مشكور، وعمل متقبل مبرور.
وننبه إلى أن جمهور الفقهاء على أنه لا يجوز للمرأة الخروج للحج دون إذن الزوج في حج التطوع دون حج الفريضة وهو الذي نرجحه، وتراجع الفتوى: 68001.
ونوصيها بكثرة الدعاء لزوجها أن يصلح الله حاله، وأن تعمل على مناصحته بالحسنى، أو تنتدب له من يناصحه من المقربين إليه، عسى أن ينفعه نصحهم.
والله أعلم.