السؤال
هل يُعدّ خلع الحجاب من الكبائر؟ وهل يمنعني هذا الذنب من استجابة الدعاء؟
أنا أحاول جاهدًة تعويض هذا الذنب بالصيام، والقيام، والدعوة إلى الله، لكنني لا أريد أن أرتديه مجددًا لعدة أسباب، منها أن الدنيا أغرتني فاتّبعت الهوى. ومع ذلك، أسأل الله الهداية. فهل سيعاملني الله عزّ وجلّ بذنبي هذا، ولا يستجيب دعائي بسببه؟ وهل أُعدّ الآن من الكاسيات العاريات، حتى وإن لم أرتدِ لباسًا ضيقًا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الهداية، وأن يصرف عنك نزغات الشيطان ومضلات الفتن.
وإن كان المقصود بخلع الحجاب هو كشف ما يجب ستره بالاتفاق -كالشعر، والرقبة، ونحو ذلك-؛ فهذا فعل محرّم، وهو من التبرج وهو من كبائر الذنوب، كما تقدم في الفتوى: 26387.
فننصح السائلة بالمبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، وارتداء الحجاب الشرعي الكامل، ونحذرها من التسويف في هذا الأمر، ومحاولة تبريره بما لا يعتبر مبررًا حقيقة، فإن ذلك من مكايد الشيطان ومكره، فقد يفاجئها الموت، وهي مصرّة على المعاصي، فتندم حين لا ينفع الندم، فلتبادر بالتوبة الصادقة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب، وغفران الله تعالى وعفوه لا يتعاظمه شيء. قال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر : 53} وقد ذكرنا شروط التوبة في الفتوى: 5450.
والتائب من الذنب لا يعاقب في الدنيا، ولا في الآخرة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ونحن حقيقة قولنا: أن التائب لا يعذب لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعًا، ولا قدرًا. اهـ.
أما من لم تتب إلى الله تعالى وجاءها الموت، وهي مصرّة على بعض المعاصي -كالتبرج-، فأمرها إلى الله تعالى إن شاء غفر لها، وإن شاء عاملها بما تستحق من العقوبة. وانظري الفتوى: 39849.
وبخصوص قبول الدعاء من عدمه، فإن المعاصي قد تكون مانعة من إجابة الدعاء، لكن لا يجزم بذلك، فقد يستجاب دعاء العاصي، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: وقوله صلى الله عليه وسلم: فأنى يستجاب لذلك؟ معناه: كيف يستجاب له؟ فهو استفهام وقع على وجه التعجب والاستبعاد، وليس صريحًا في استحالة الاستجابة، ومنعها بالكلية، فيؤخذ من هذا أن التوسع في الحرام والتغذي به من جملة موانع الإجابة، وقد يوجد ما يمنع هذا المانع من منعه، وقد يكون ارتكاب المحرمات الفعلية مانعًا من الإجابة أيضًا، وكذلك ترك الواجبات كما في الحديث أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمنع استجابة دعاء الأخيار، وفعل الطاعات يكون موجبًا لاستجابة الدعاء. اهـ.
وفي معنى قوله صلى الله عليه، وسلم: ونساء كاسيات عاريات، عدّة أوجه لأهل العلم، قال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين: وفي قوله: (كاسيات عاريات) ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهن يلبسن ثيابًا رقاقًا تصف ما تحتها، فهن كاسيات في الظاهر، عاريات في المعنى.
والثاني: أنهن يكشفن بعض أجسامهن، فهن عاريات، أي بعضهن منكشف.
والثالث: كاسيات من نعم الله عزّ وجلّ، عاريات من الشكر. اهـ.
فمن تكشف شعرها ورقبتها، وتستر باقي جسمها، من الكاسيات العاريات على الوجه الثاني.
ويضاف إلى الأوجه الثلاثة السابقة: اللباس الضيق أيضًا، كما تقدم في الفتوى: 273841.
فلتحذر السائلة أن تكون من النساء الكاسيات العاريات اللواتي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّهنّ من أهل النار.
والله أعلم.