السؤال
جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الرائع وجعله الله في ميزان حسناتكم، بحثت كثيراً عن حكم الفوائد والتعامل مع البنوك ووجدت أنها ربا، ولكن والدي يضع أمواله في مثل هذه البنوك لأن هناك بعض المشايخ قالوا إن ذلك ليس ربا، وسؤالي عن وضعي الآن.. فهل أنا أتربى من مال حرام، وماذا عليّ أن أفعل.. علما بأن أبي قرأ في هذا الأمر وناقشه أخي فيه وهو على رأيه، وكنت قد قمت بأداء فريضة الحج على نفقة أبي.. فهل ذلك يصح، وأيضا إذا أراد أبي الذهاب لأداء العمرة.. فهل ذهابي معه يجوز، وماذا عليّ أن أفعل إذا كان كل ذلك غير جائز، وإذا تقدم لي أخ يتعامل والده مع هذه البنوك.. مع اقتناعه بأن ذلك ربا وأنه لن يتعامل معها.. لكن سيساعده الأب في أمور الزواج.. فهل أوافق، أم يجب أن يكون المال ماله هو دون تدخل أبيه، وهل من الممكن أن يكون الحل هو بقاء الوضع على ما هو عليه.. حتى يتيسر لي الانفصال عنهم ثم أحاول تقدير ما أنفق عليّ وعلى أمور الزواج.. وأحاول حساب المال الأصلي والفائدة ثم يتصدق زوجي بالفائدة، وإن كان كذلك فما هو الحكم إن لم أتزوج أو وافتني المنية قبل جمع المبلغ اللازم لتطهير هذا المال؟ جزاكم الله خيراً كثيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الإجابة على السؤال نسأل الله أن يبارك فيك وأن يجزيك خيراً لحرصك على تحري الحلال في مطعمك وحياتك، أما عن السؤال فلا شك أن ما يقوم به والدك حرام فإن الفائدة التي تتعامل بها البنوك الربوية هي عين الربا المحرم، ومن أفتى بجوازها فقد شذ وزل، ولا يجوز لأحد أن يتتبع زلات العلماء إذا فرض أن من أفتى بجواز ذلك هو من العلماء، ولكن مع ذلك فليس كل مال أبيك حراما، فرأس ماله حلال، والمحرم إنما هو الفوائد الربوية، إذن فمال أبيك مختلط من الحلال والحرام، والتعامل مع من ماله مختلط ببيع وشراء وإهداء وغير ذلك من المعاملات ليس محرماً، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتعاملون مع اليهود بيعاً وشراء وإهداء وإجارة وغيرها من المعاملات مع أن اليهود كانوا أهل ربا، لكن يشترط لذلك ألا يكون التعامل في عين المال الحرام.
وعليه.. فكل ما ذكرته من نفقة طعام ونفقة حج وعمرة وعرس وغيرها لا حرج عليك فيها ما لم تعلمي أن شيئاً بعينه قد أتاك من عين المال الحرام، وقولي مثل ذلك في حال الأخ الذي يريد خطبتك وأبوه يتعامل بالربا، ومع هذا فإذا تمكنتم من الاستغناء عن أموال من ماله مختلط فهو الأفضل لأن معاملة من ماله مختلط مكروهة في مذهب جمهور أهل العلم، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 6880.
والله أعلم.