السؤال
عمري 37 عامًا، وأعمل بالخارج، ومتزوج منذ 5 سنوات، وعندي بنتان، أعمارهما: خمسة أعوام، وعامان، وأراعي الله في زوجتي، ولا أتأخر عنها في السفر، وسفري برضاها، وقد اشترينا شقة أخرى غير التي أعيش فيها في حيّ أرقى، رغم أن ذلك يرهقني جدًّا، وكل ذلك حتى لا أجعل زوجتي تحسّ بالنقص، أو بالغيرة من أختها وأخيها، ورغم ذلك فهي في الفترة الأخيرة بدأت تتصرف دون مشورتي، فقد باعت أثاثًا قديمًا في البيت لتشتري جديدًا، وبعد أن فعلت عرفت؛ فلُمتها على ذلك، ثم اشترت بلاطًا للشقة الجديدة دون علمي، وبعدها أخبرتني، رغم أنني كررت عليها أن لا تفعل شيئًا إلا بعد أن نتشاور، ولُمتها على ذلك، مع أنها تعلم أن موعد القسط قد اقترب، ولا بد من سداد الشيك المستحق، ورغم ذلك لم أنهرها.
وبعد ذلك طلبت مني مالًا لسداد قسط مدرسة بنتي الكبرى، واتفقنا على أن أقترض مبلغًا من أخي لأكمل القسط، ويعطيها المبلغ الباقي، وذهب أخي إلى أمّي واتصل بها لتسليمها المبلغ دون علم أحد من أهلي لعدم إحراجها، فاتصلت بي وأنا في بلد آخر، وقالت لي: إنها لن تذهب، ولن تأخذ مالًا منه، وأنها سوف تأخذ من أمّها، رغم أننا اتفقنا من قبل، وبعد جدال أرغمتها على الاتصال بأخي؛ لأنه كان منتظرًا عند أمّي، ثم اتصلت بأخي حتى لا تتعكر العلاقة بيني وبينه، وبعد ذلك أرسلت لها المبلغ المطلوب دون أن أتحدث إليها، ومن ذلك الوقت - 8 أيام- لم أتصل بها؛ حتى أشعرها بما فعلت، ومع ذلك لم تتصل أو تعلمني بوصول المبلغ من عدمه، وقد تغيّرت عن السابق، وأشهد الله أني لا أتجنّى عليها، رغم أنها زوجة طيبة، ولكني أحسّ بتغيرها كثيرًا من وقت لآخر، والتغير يزيد دائمًا، وأحسّ أن سبب التغير هو النظر لأختها، أو الغيرة منها، رغم أني -وأشهد الله على ذلك- لا أبخل عليها بأي شيء، حتى الشقة التي ترهقني تحرمني من القرب منهم؛ لظروف سفري من بيتها إليها، وأريد أن أعرف رأيكم في هذا، والإشارة عليّ بما أفعل.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإحسان الزوج لزوجته، من العمل الصالح الذي يثاب عليه، كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي في السنن، وابن حبان في صحيحه، عن عائشة. وصححه الألباني.
ومن حق الزوج على زوجته: أن تحفظه حال غيابه في نفسها، وماله.
ولا يجوز لها التصرف في ماله بغير إذنه، كما سبق بيانه في الفتوى: 22917.
وننصحك إذا قضيت حاجتك من الغربة، أن تبادر بالعودة إلى أهلك؛ فإن البعد عنهم لغير حاجة لا ينبغي ولا يصلح، فلا يأمن الرجل في غربته على أهله ما يُحدثه لهم الزمان، لا سيما في هذه الأوقات التي كثرت فيها الفتن، ففي وجوده معهم حفظ لهم من الضياع، وإصلاح لهم، وفيه حفظ له ولزوجه من غوائل الشهوة، وإعانة له على الطاعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى نهمته، فليعجل إلى أهله. متفق عليه.
قال ابن عبد البر في التمهيد: وفي هذا الحديث دليل على أن طول التغرب عن الأهل لغير حاجة وكيدة من دِين أو دنيا، لا يصلح ولا يجوز، وأن من انقضت حاجته، لزمه الاستعجال إلى أهله الذين يمونهم، ويقوتهم؛ مخافة ما يحدثه الله بعده فيهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: وفي الحديث كراهة التغرب عن الأهل لغير حاجة، واستحباب استعجال الرجوع، ولا سيما من يخشى عليهم الضيعة بالغيبة، ولما في الإقامة في الأهل من الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا، ولما في الإقامة من تحصيل الجماعات، والقوة على العبادة. انتهى.
كما ننصحك بمعالجة موضوع تغير زوجتك قبل أن يتفاقم الأمر، ويصعب عليك التغلب على ذلك.
كما أنه لا يلزمك الإنفاق عليها إلا بما يناسب حالك وحالها، ولا يلزمك أن توفر لها ما قد يوفره غيرك من الأثرياء لزوجته.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.