ذكر العدد الذين يقسمون من الأولياء
واختلفوا في العدد الذين يقسمون ويستحقون الدم أو العقل .
فقالت طائفة : . هذا قول لا يقسم في قتل العمد إلا اثنان فصاعدا تردد الأيمان عليهما حتى يحلفا خمسين يمينا ثم قد استحقا الدم ، قال مالك : وذلك الأمر عندنا . وبه قال مالك عبد الملك ، قال عبد الملك : وإن كان ولي الدم واحدا كأنه ابن الرجل وله عصبة ، إخوة ، وعمومة ، وبنو عم ، فلا بد له من آخر من عصبته إن شاء فمن إخوته ، وإن شاء فمن عمومته ، وإن شاء فمن أقصاهم ، أو أدناهم لا بد له من ثان يكون معه يحلف كل واحد منهما نصف الخمسين ، ويستحق الدم ، وإن كان أولياء الدم خمسين رجلا كلهم من الميت بإزاء كأنهم بنو عم مستويين في القرابة ، فالدم بينهم أجمعين [فلابد] من أن يحلفوا جميعا [ ص: 434 ] ولا يستعينوا بغيرهم ، لأن الدم لا يجب حتى لا يبقى له أحد ممن له فيه نصيب إلا حلف ، وإن كان أولياء الدم أكثر من خمسين رجلا حلف منهم خمسون رجلا ، ثم لا يحتاج إلى الباقين ، لأن الأيمان قد كملت . قال : وأصل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عرضها على جماعة ، وعرضها في القول بلفظ جماعة فقال : وأقل الجماعة اثنان فصاعدا . "تحلفون خمسين يمينا وتستحقون"
قال أبو بكر : وفي قوله : "تستحقون" دليل على أن لا يمين لغير مستحق ، وعلى أن لا يحلف إلا وارث .
وفيه قول ثان : قال : ولا يجب على أحد حق في قسامة حتى تكمل أيمان الورثة خمسين يمينا ، وسواء كثر الورثة أو قلوا ، وإذا مات الميت وترك وارثا واحدا أقسم خمسين يمينا واستحق الدية ، ولو لم يترك إلا ابنته وهي مولاته حلفت خمسين يمينا وأخذت الكل ، النصف بالنسب ، والنصف بالولاء . وهكذا لو لم يدع إلا زوجته وهي مولاته ، أو أمه أو جدته وهي مولاته ، وإذا ترك أكثر من خمسين وارثا سواء في ميراثه كأنهم بنون معا أو إخوة أو عصبة في [القعدد] إليه سواء ، حلف كل واحد منهم يمينا ، وإن (جاز) خمسين أضعافا ، [ ص: 435 ] لأنه لا يأخذ مالا بغير بينة ولا إقرار من المدعى عليه ، ولا يملك أحد بيمين غيره شيئا . الشافعي
قال : وقول أبو ثور أبي عبد الله أن الواحد يقسم ، ويكون عليه الأيمان إذا لم يكن غيره وبه نأخذ ، وذلك أن الحق له ، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم للأولياء أن يقسموا ، فإذا لم يكن إلا واحد كان ذلك له ، والله أعلم .
وفيه قول ثالث : قال . سعيد بن المسيب
أول من قصر القسامة على أقل من خمسين ، معاوية ، وذلك على عهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : وقضى بذلك الزهري ، قال عبد الملك بن مروان : ثم رد الزهري ذلك إلى الأمر الأول أن الدم لا يستحق إلا بأقل من خمسين يمينا على خمسين رجلا . عمر بن عبد العزيز
وقال : تقصر على (أقل من خمسين ، وقال : ما سمعت أحدا ممن أدركت يقول أنها تقصر على) أقل من ثلاثة . الليث بن سعد
وقال : لا تقصر على أقل من خمسين يمينا ، فإن نكل رجل منهم أو نقصت قسامتهم لم يعطوا الدم [و] غرموا عقله . [ ص: 436 ] الأوزاعي
وقال : الزهري . إذا نقص من الخمسين في القسامة رجل لم نجزها
وقال في القسامة : إذا كانوا دون الخمسين ردت عليهم حتى يستكملوا خمسين ، ورد على الأول الأول . ابن سيرين