الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم  

فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى ، والأنثى عورة، فيها تقديم، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: والله أعلم بما وضعت ، ثم قالت حنة: وإني سميتها مريم ، وكذلك كان اسمها عند الله عز وجل، وإني أعيذها بك وذريتها ، يعني عيسى من الشيطان الرجيم ، يعني الملعون، فاستجاب الله لها، فلم يقربها ولا ذريتها شيطان، وخشيت حنة ألا تقبل الأنثى محررة، فلفتها في خرق ووضعتها في بيت المقدس عند المحراب، حيث يدرس القراء، فتساهم القوم عليها; لأنها بنت إمامهم وسيدهم، وهم الأحبار من ولد هارون أيهم يأخذها.

قال زكريا، وهو رئيس الأحبار: أنا آخذها، أنا أحقكم بها; لأن أختها أم يحيى عندي، فقال القراء: وإن كان في القوم من هو أقرب إليها منك؟ فلو تركت لأحق الناس بها لتركت لأمها، ولكنها محررة، ولكن هلم نتساهم عليها، من خرج سهمه فهو أحق بها، فاقترعوا، فقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: وما كنت لديهم ، يعني عندهم فتشهدهم، إذ يلقون أقلامهم ، حين اقترعوا ثلاث مرات بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي أيهم يكفلها؟ أيهم يضمها؟ فقرعهم زكريا فقبضها، ثم قال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: وما كنت لديهم إذ يختصمون في مريم، فذلك قوله: وكفلها زكريا .

[ ص: 167 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية