إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم
قوله سبحانه: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ، يعني بالمحاربة الشرك، نظيرها في براءة، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله، وذلك أن تسعة نفر من عرينة وهم من بجيلة، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلموا، فأصابهم وجع شديد، ووقع الماء الأصفر في بطونهم، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى إبل الصدقة ليشربوا من ألبانها وأبوالها، ففعلوا ذلك، فلما صحوا عمدوا إلى الراعي، فقتلوه وأغاروا على الإبل، فاستاقوها وارتدوا عن [ ص: 297 ] الإسلام، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، رضي الله عنه، في نفر فأخذهم. علي بن أبي طالب
فلما أتوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم، أمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسملت أعينهم، إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ، يعني الكفر بعد الإسلام، فأنزل الله عز وجل فيهم: ويسعون في الأرض فسادا القتل وأخذ الأموال، أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، يعني اليد اليمنى والرجل اليسرى، فالإمام في ذلك بالخيار في القتل والصلب، وقطع الأيدي والأرجل، أو ينفوا من الأرض ، يقول: يخرجوا من الأرض، أرض المسلمين، فينفوا بالطرد، ذلك جزاؤهم الخزي لهم خزي في الدنيا قطع اليد والرجل والقتل والصلب في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم ، يعني كثيرا وافرا لا انقطاع له.
ثم استثنى، فقال عز وجل: إلا الذين تابوا من الشرك من قبل أن تقدروا عليهم ، فتقيموا عليهم الحد، فلا سبيل لكم عليهم، يقول: من جاء منهم مسلما قبل أن يؤخذ، فإن الإسلام يهدم ما أصاب في كفره من قتل أو أخذ مال، فذلك قوله سبحانه: فاعلموا أن الله غفور لما كان منه في كفره رحيم به حين تاب ورجع إلى الإسلام، فأما من قتل وهو مسلم، فارتد عن الإسلام، ثم رجع مسلما، فإنه يؤخذ بالقصاص.