يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين
يا أيها الذين آمنوا ، نزلت في رجلين من المسلمين، لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ، قال: لما كانت وقعة أحد، خاف ناس من المسلمين أن يدال الكفار عليهم، فقال رجل منهم: أنا آتي فلانا اليهودي فأتهود، فإني أخشى أن يدال الكفار علينا، قال الآخر: أما أنا، فإني آتي الشام فأتنصر، فنزلت: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم ، يعني من المؤمنين، فإنه منهم ، يعني يلحق بهم ويكون معهم ; لأن المؤمنين لا يتولون الكفار، إن الله لا يهدي القوم الظالمين .
ثم ذكر أنه إنما يتولاهم المنافقون ; لأنهم وافقوهم على ما يقولون، قال سبحانه: فترى الذين في قلوبهم مرض ، وهو الشك، فهم المنافقون، يسارعون فيهم ، [ ص: 306 ] يعني في ولاية اليهود بالمدينة، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ، يعني دولة اليهود على المسلمين، وذلك أن نفرا من المنافقين، أربعة وثمانين رجلا، منهم: عبد الله بن أبي ، وأبو نافع ، ، قالوا: نتخذ عند اليهود عهدا ونواليهم فيما بيننا وبينهم، فإنا لا ندري ما يكون في غد، ونخشى ألا ينصر وأبو لبابة محمد صلى الله عليه وسلم، فينقطع الذي بيننا وبينهم، ولا نصيب منهم قرضا ولا ميرة، فأنزل الله عز وجل: فعسى الله أن يأتي بالفتح ، يعني بنصر محمد صلى الله عليه وسلم الذي يئسوا منه، أو يأتي أمر من عنده ، قتل قريظة، وجلاء النضير إلى أذرعات، فلما رأى المنافقون ما لقي أهل قريظة والنضير، ندموا على قولهم، قال: فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين فلما أخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عن المنافقين، أنزل هذه الآية: ويقول الذين آمنوا بعضهم لبعض: أهؤلاء الذين أقسموا بالله ، يعني المنافقين، جهد أيمانهم ، إذ حلفوا بالله عز وجل، فهو جهد اليمين، إنهم لمعكم على دينكم، يعني المنافقين، حبطت أعمالهم ، يعني بطلت أعمالهم ; لأنها كانت في غير الله عز وجل، فأصبحوا خاسرين في الدنيا.