الوجه الخامس :
قوله : ( وهي ) . أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان
فيقال . له : من جعل هذا من الإيمان إلا أهل الجهل ، والبهتان ؟ . وسنتكلم إن شاء الله على ما ذكره من ذلك .
والله تعالى وصف المؤمنين ، وأحوالهم ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد فسر الإيمان ، وذكر شعبه ، ، ففي [ الحديث ] ولم يذكر الله ولا رسوله الإمامة في أركان الإيمان [1] الصحيح حديث جبريل لما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة أعرابي ، وسأله عن الإسلام ، والإيمان ، والإحسان قال . [ له ] [2] : ( محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت . ) قال : والإيمان أن [ ص: 107 ] تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، [ واليوم الآخر ] [3] ، والبعث بعد الموت ، وتؤمن بالقدر خيره ، وشره . ) ، ولم يذكر الإمامة قال : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن ) ، وهذا الحديث متفق على صحته متلقى بالقبول أجمع أهل العلم بالنقل على صحته ، وقد أخرجه أصحاب الصحيح من غير وجه ، فهو متفق عليه والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك . [4] من حديث ، وفي [ أفراد ] أبي هريرة [5] من حديث مسلم عمر [6] .
وهؤلاء [7] وإن كانوا لا يقرون بصحة [8] هذه الأحاديث ، فالمصنف [ قد ] [9] احتج بأحاديث موضوعة كذب باتفاق أهل المعرفة ، فإما أن نحتج بما يقوم الدليل على صحته نحن وهم ، أو لا نحتج بشيء من ذلك لا [10] نحن ولا هم ، فإن تركوا الرواية رأسا أمكن أن نترك الرواية ، وأما إذا رووا هم ، فلا بد من معارضة الرواية [ بالرواية ] [11] ، والاعتماد على ما تقوم به [ ص: 108 ] الحجة ، ونحن نبين ، والدلائل الدالة على صحة ما نقله أهل العلم بالحديث ، وصححوه . الدلائل الدالة على كذب ما يعارضون به أهل السنة من الروايات الباطلة
وهب أنا لا نحتج بالحديث ، فقد قال الله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) [ سورة الأنفال : 2 - 4 ] [12] ، فشهد لهؤلاء بالإيمان من غير ذكر للإمامة [13] .
وقال تعالى : ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ) [ سورة الحجرات : 15 ] ، فجعلهم صادقين في الإيمان من غير ذكر للإمامة .
وقال تعالى : ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) [ سورة البقرة : 177 ] ، ولم يذكر الإمامة .
وقال تعالى : ( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ) [ سورة البقرة : 1 - 5 ] ، [ ص: 109 ] فجعلهم مهتدين مفلحين [14] ، ولم يذكر الإمامة .
وأيضا : فنحن نعلم بالاضطرار من دين محمد [ بن عبد الله . ] [15] - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا أسلموا لم يجعل إيمانهم موقوفا على معرفة الإمامة ، ولم يذكر لهم شيئا من ذلك ، وما كان أحد أركان الإيمان لا بد أن يبينه الرسول لأهل الإيمان ليحصل لهم [ به ] [16] الإيمان ، فإذا علم بالاضطرار أن هذا مما لم يكن الرسول يشترطه في الإيمان علم أن اشتراطه في الإيمان من أقوال أهل البهتان .
فإن قيل : قد دخلت في عموم النصوص [17] ، أو هي من باب ما لا يتم الواجب إلا به ، أو دل [18] عليها نص آخر .
قيل : هذا كله لو صح لكان غايته أن تكون من بعض فروع الدين لا [19] تكون من أركان الإيمان ، ، فلا يكون الرجل مؤمنا حتى يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن فإن ركن الإيمان ما لا يحصل الإيمان إلا به كالشهادتين محمدا رسول الله ، فلو كانت الإمامة ركنا في الإيمان لا يتم إيمان أحد إلا به لوجب أن يبين ذلك الرسول بيانا عاما قاطعا للعذر ، كما بين [ ص: 110 ] الشهادتين ، والإيمان بالملائكة ، والكتب ، والرسل ، واليوم الآخر ، فكيف ونحن نعلم بالاضطرار من دينه أن الناس الذين [20] دخلوا في دينه أفواجا لم يشترط على أحد منهم في الإيمان الإيمان بالإمامة لا مطلقا ، ولا معينا ؟ .